النظر عن الرواية يمكن أن يجاب بوجه آخر وهو أن في النشأة الأخرى لما بطلت الاغراض الدنيوية وخلصت محبتهم لله سبحانه فهم يبرؤون من أعداء الله ولا يحبون إلا من أحبه الله فهم يلتذون بعذاب أعدائه ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو عشيرتهم، كما أن أولياء الله في الدنيا أيضا قطعوا محبتهم عنهم، وكانوا يحاربونهم و يقتلونهم بأيديهم ويلتذون بذلك. كما قال تعالى: " لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله " (1) الآية، وإليه يشير قوله تعالى: " يوم يفر المرء من أخيه " (2) الآية، فيمكن أن يكون الأصل في الجواب هذا الوجه لكن لضعف عقل السائل أعرض عليه السلام عن هذا الوجه وذكر الوجهين الآخرين الموافقين لعقله وفهمه نقلا عن غيره، والله يعلم. * 49 - تفسير علي بن إبراهيم: أبي، عن بعض أصحابه رفعه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لما دخلت الجنة رأيت فيها شجرة طوبى، أصلها في دار علي، وما في الجنة قصر ولا منزل إلا وفيها فتر (3) منها وأعلاها أسفاط (4) حلل من سندس وإستبرق يكون للعبد المؤمن ألف ألف سفط في كل سفط مائة ألف حلة ما فيها حلة يشبه الأخرى على ألوان مختلفة وهو ثياب أهل الجنة، وسطها ظل ممدود، عرض الجنة كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله، يسير الراكب في ذلك الظل مسيرة مائة عام فلا يقطعه، وذلك قوله:
" وظل ممدود " وأسفلها ثمار أهل الجنة وطعامهم متذلل في بيوتهم، يكون في القضيب منها مائة لون من الفاكهة مما رأيتم في دار (ثمار خ ل) الدنيا وما لم تروه وما سمعتم به وما لم تسمعوا مثلها، وكلما يجتني منها شئ نبتت مكانها أخرى " لا مقطوعة ولا ممنوعة " وتجري نهر في أصل تلك الشجرة تنفجر منها الأنهار الأربعة " أنهار من ماء