الآخرة عند الله أفضل مما للمؤمنين كما أعطانا في الدنيا أفضل مما أعطاهم " كلا " أي لا يكون ذلك ولا يدخلونها.
وفي قوله تعالى: " يشربون من كأس " إناء فيه شراب " كان مزاجها " أي ما يمازجها " كافورا " وهو اسم عين ماء في الجنة، ويدل عليه قوله: " عينا " وهي كالمفسرة للكافور، وقيل: يعني الكافور الذي له رائحة طيبة، والمعنى: يمازجه ريح الكافور وليس ككافور الدنيا، قال قتادة: يمزج بالكافور ويختم بالمسك وقيل: معناه: طيب بالكافور والمسك والزنجبيل " عينا يشرب بها عباد الله " أي أولياؤه، عن ابن عباس، أي هذا الشراب من عين يشربها أولياء الله " يفجرونها تفجيرا " أي يقودون تلك العين حيث شاؤوا من منازلهم وقصورهم، عن مجاهد، والتفجير: تشقيق الأرض ليجري الماء قال: وأنهار الجنة تجري بغير أخدود، فإذا أراد المؤمن أن يجري نهرا خط خطا فينبع الماء من ذلك الموضع ويجري بغير تعب " وجزاهم بما صبروا " أي بصبرهم على طاعته واجتناب معاصيه وتحمل محن الدنيا وشدائدها " جنة " يسكنونها " وحريرا " من لباس الجنة يلبسونه ويفرشونه " لا يرون فيها شمسا " يتأذون بحرها " ولا زمهريرا " يتأذون ببرده " ودانية عليهم ظلالها " يعني أن أفياء أشجار تلك الجنة قريبة منهم، وقيل: إن ظلال الجنة لا تنسخها الشمس كما تنسخ ظلال الدنيا " وذللت قطوفها تذليلا " أي وسخرت وسهل أخذ ثمارها تسخيرا، إن قام ارتفعت بقدره، وإن قعد نزلت عليه حتى ينالها، وإن اضطجع نزلت حتى تنالها يده، وقيل:
معناه: لا يرد أيديهم عنها بعد ولا شوك " كانت قواريرا " أي زجاجا " قواريرا من فضة " قال الصادق عليه السلام: ينفذ البصر في فضة الجنة كما ينفذ في الزجاج. والمعنى أن أصلها من فضة فاجتمع لها بياض الفضة وصفاء القوارير فيرى من خارجها ما في داخلها، قال أبو علي: إن سئل فقيل: كيف يكون القوارير من فضة، وإنما القوارير من الرمل دونها؟ فالقول في ذلك أن الشئ إذا قاربه شئ واشتدت ملابسته له قيل: إنه من كذا وإن لم يكن منه في الحقيقة، فعلى هذا يجوز قوارير من فضة أي هي في صفاء الفضة ونقائها، ويجوز تقدير حذف المضاف، أي من صفاء الفضة،