عوالي اللئالي - ابن أبي جمهور الأحسائي - ج ٣ - الصفحة ٦٢١
(33) وروى الشيخ في التهذيب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن محمد ابن حفص عن عبد الله بن طلحة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن رجل سارق دخل على امرأة ليسرق متاعها فلما جمع الثياب تابعته نفسه فكابرها على نفسها فواقعها، فتحرك ابنها فقتله بفأس كان معه، فلما فرغ وأخذ الثياب وذهب ليخرج حملت عليه بالفأس فقتلته، فجاء أهله يطلبون بدمه من الغد، فقال أبو عبد الله عليه السلام:
(اقض على هذا كما وصفت لك فقال: يضمن مواليه الذين يطلبون بدمه دية الغلام، ويضمن السارق فيما ترك أربعة آلاف درهم لمكابرتها على فرجها انه زان وهو في ماله غرامة، وليس عليها في قتله إياه شئ لأنه سارق) (1) (2).

(١) التهذيب: ١٠، كتاب الديات، باب القضاء في قتيل الزحام ومن لا يعرف قاتله ومن لا دية له حديث: ٢٨.
(٢) دل هذا الحديث على أحكام. الأول: وجوب مهر المثل للمنكوحة قهرا، الثاني: الانتقال إلى الدية في العمد إذا فات محل القصاص. الثالث: ايجابه على العاقلة.
الرابع: ان قتلها لم يقع قصاصا عن ابنها. الخامس: ان الواجب أربعة آلاف درهم في هذا الوطء. السادس: ان مهر المثل في صورة غصب الفرج لا يتقدر بقدر. السابع:
ان القتل جائز للدفاع عن المال.
وفى كل واحد من هذه الأحكام اشكال.
ففي الأول: خالف الشيخ في الخلاف، وقال: انه لا مهر لها، لأنه زنى ولا مهر لبغى. وفيه ضعف من حيث إنه ليس زنا من الطرفين، بل هو غصب وقع على بضع فيكون مضمونا على الغاصب كغيره من المنافع.
وفى الثاني: الاشكال من حيث إن الواجب بقتل العمد إنما هو القصاص وهو متعلق بعين القاتل، فمتى فات محله، سقط، ووجوب الدية يحتاج إلى دليل. ويجاب عنه بأن الدليل هو هذا النص، للتصريح به في الرواية.
وفى الثالث: الاشكال من حيث إنه على تقدير وجوب الدية، لا وجه لوجوبها على العاقلة، لأنه إنما يضمن دية الخطأ. وأجيب عنه بالحمل على فقر القاتل، وانه لم يترك الا ما يقوم بغرامة المهر خاصة، فرجع الضمان إلى العاقلة لعموم لا يطل دم امرء مسلم وفيه ما فيه.
وفى الرابع: الاشكال من حيث امكان قصدها بقتله الاخذ بثأر ابنها، فيكون القتل وقع لا قصاصا غير معلوم على اليقين، وحينئذ تسقط الدية لاستيفائها حقها بقتله. ويجاب عنه بأن الظاهر لا يساعد هذا الاحتمال، لان اللص إذا دخل الدار فقد أهدر دما فحمل قتله لأجل كونه لصا أظهر، بجاري العادات.
وفى الخامس: الاشكال من حيث تعيين الأربعة آلاف وايجابها لهذا الوطء لا أصل له في مثلها في الشرع. وأجيب بالحمل على أن ذلك مهر مثلها.
وفى السادس: جواز كون مهر المثل مهر السنة في المفوضة فإنه متى تعداها رد إليها. وأجيب بأنه لما دخل الغصب في البضع كان حكمه حكم القيمة، كالعبد المغصوب إذا قتله الغاصب فإنه يضمن القيمة، وان تجاوزت دية الحر، لان الغاصب مطالب بالأشق.
وفى السابع: ان القتل للدفاع عن المال إنما يجوز إذا لم يدفع اللص بغير القتل، أو كان اللص مقبلا على صاحب المال، فأما مع ادباره فلا يجوز قتله. وأجيب بالحمل على أنه كان الامر كذلك، فلما لم يندفع الا بقتل جاز قتله، وحينئذ صح العمل بمضمون الرواية في جميع أحكامها، لاندفاع الاشكالات عنها.
(٦٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 616 617 618 619 620 621 622 623 624 625 626 ... » »»
الفهرست