عوالي اللئالي - ابن أبي جمهور الأحسائي - ج ٣ - الصفحة ٤٩١
باب المواريث (1) قال النبي صلى الله عليه وآله: " تعلموا الفرائض " (1).
(2) وروى عبد الله بن مسعود ان النبي صلى الله عليه وآله قال: " تعلموا القرآن وعلموه الناس، وتعلموا الفرائض وعلموها الناس فاني امرء مقبوض، وسيقبض العلم وتظهر الفتن حتى يختلف الرجلان في فريضة لا يجدان من يفصل بينهما " (2).
(3) وروي عنه صلى الله عليه وآله قال: " تعلموا الفرائض وعلموها الناس فإنها نصف العلم، وهو ينسى، وهو أول شئ ينتزع من أمتي " (3) (4).

(١) السنن الكبرى للبيهقي ٦: ٢٠٨، باب الحث على تعليم الفرائض.
وسنن الدارقطني: ٤، كتاب الفرائض والسير وغير ذلك، حديث: ٤٥.
(٢) تقدم آنفا تحت رقم ١.
(٣) سنن الكبرى للبيهقي ٦: ٢٠٩، باب الحث على تعليم الفرائض.
(٤) هذا الحديث فيه حث عظيم على تعلم هذا العلم، أما أولا: فلانه أمر بتعليمه وتعلمه، وهو دليل على اشتمال المأمور به على المصلحة.
وأما ثانيا: فلانه عليه السلام أخبر بأنه ينسى وفيه تخويف على ترك التعلم به، لأنه يجوز ارتفاعه عند إرادة تعلمه، فلا يجد طالبه السبيل إلى ذلك، فالمقتضى للحزم المبادرة والمسارعة في تعلمه قبل أن يفوت بالنسيان فيقع الندم والحسرة في عدم تعلمه.
وأما ثالثا: فإنه جعله نصف العلم مع قلة حجمه وسهولة تناوله، وذلك دال على شرفه وعظمته، لان ما غلت قيمته وصغر مقداره كان ذلك دليلا على شرفه.
فأما معنى التنصيف فلان للناس لهم حالتان حالة الحياة وحالة الموت وعلم الفرائض مختص بحالة الموت، فيكون له النصف من أحوال المكلف. فان قلت: إن الوصايا تشاركه في هذه المعنى، وكذلك الغسل والتكفين والدفن لتعلقها بأحوال الموت أجيب: بأن الوصايا ليست من الأمور اللازمة للميت، بل هي أمر يعرض عند فعله، ولا كذلك الفرائض.
وأيضا فهي متعلقة بفعل العبد، فقد يوصى وقد يترك، وليس الامر في الميراث كذلك. هذا مع أن الوصية لا تختص بحالة الموت، لان لها أحكاما ترجح إلى الحياة، كالرجوع عنها، والزيادة على الثلث، وهلاك الموصى به قبل الموت وأمثال ذلك. وإن شئت أدخلت الوصايا أيضا في الفرائض، لتقدمها على الميراث، وكذلك الغسل والتكفين ومؤنة التجهيز داخل فيه أيضا لأنها الحق الذي يبدء به من التركة قبل القسمة.
ويحتمل التنصيف بوجه آخر، بأن صورة الانسان حالتي الحياة والموت منقسمة إليهما، والمواريث أحد القسمين، ويحتمل ان سبب دخول المال في الملك أما بالكسب أو بغيره، والميراث هو الثاني (معه).
(٤٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 486 487 488 489 490 491 492 493 494 495 496 ... » »»
الفهرست