عوالي اللئالي - ابن أبي جمهور الأحسائي - ج ٣ - الصفحة ٣٥١
وترد على السيد نصف قيمتها تسعى فيه، ولا عدة عليها) (1).
(291) وروى عباد بن كثير البصري قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: رجل أعتق أم ولده وجعل عتقها صداقها، ثم طلقها قبل أن يدخل بها؟ قال:
(يعرض عليها ان تسعى في نصف قيمتها، فان أبت هي فنصفها رق ونصفها حر) (2) (3).
(292) وروى هشام بن سالم في الصحيح عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل باع من رجل جارية بكرا إلى سنة، فلما افتضها المشتري أعتقها من الغد وتزوجها وجعل مهرها عتقها، ثم مات بعد ذلك بشهر؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام: (إن كان للذي اشتراها إلى سنة مال، أو عقدة تحيط بقضاء ما عليه من الدين في رقبتها، كان عتقه ونكاحه جائزا. وإن لم يملك ما يحيط بقضاء ما عليه من الدين في رقبتها، كان عتقه ونكاحه باطلا، لأنه أعتق ما لا يملك وأرى انها لمولاها الأول) قيل: إن كانت قد علقت من الذي أعتقها وتزوجها؟
فقال: (الذي في بطنها مع أمه كهيئتها) (4) (5).

(١) التهذيب: ٧، باب الزيادات في فقه النكاح، حديث: ١٤٦.
(٢) الاستبصار: ٣، كتاب النكاح، باب ان الرجل يعتق أمته ويجعل عتقها صداقها حديث: ٨.
(٣) هذه الرواية لا تعارض ما تقدمها، لان راويها عامي، فالعمل على السابقة (معه).
(٤) الفروع: ٦، كتاب العتق والتدبير والكتابة، باب نوادر، حديث: ١.
وفيه اختلاف يسير في بعض الألفاظ، فلاحظ.
(٥) هذه الرواية مخالفة لأصلين قطعيين. أحدهما ان العتق الواقع بهذه الجارية عتق صحيح، لوقوعه من أهله في محله. الثاني ان هذا الولد حر، لتولده بين حرين.
فلما كان صريح الرواية منافيا لهذين الأصلين، مع كونها صحيحة الطريق، وجب حملها على التأويل إن أمكن. وإن لم يمكن فهل يطرح لكون ما نافاها قطعيا، أو يعمل بها لأنها نص، كلاهما محتمل.
فأما التأويل فقد قال العلامة: ان معنى ذلك أن العتق وقع في مرض الموت، ومنجزات المريض مع استغراق الدين للتركة لا ينفذ. قيل: عليه لو سلم ذلك فإنما يتم في الجارية، فأما في الولد فلا، لأنه حر في الأصل فلا ينقلب رقا. وحملها آخرون على فساد البيع مع كون المشترى عالما به، فيكون زانيا، فيرق ولده.
واعترض عليه بأن ذلك لا يتم، لتضمن الرواية صحة النكاح والعتق على تقدير وجود ما يقضى منه الدين، وذلك ينافي فساد البيع.
وفخر المحققين قال: إنه ليس في الرواية ما يدل على رقية الولد، لان قوله:
(كهيئتها) أعم من أن يكون كهيئتها في الحرية قبل ظهور العجز أو بعده في الرقية، والعام لا يدل على الخاص. واعترض عليه الشهيد بأن المفهوم منه ليس إلا أن حكمه حكمها في مقتضى السؤال. وقد حكم برقيتها، فيدل على رقية الولد بالمطابقة، إذ اللفظ موضوع لذلك. وحينئذ نقول: ليس في هذه التأويلات ما يطابق الرواية، ليعتمد عليه في الجمع بينها وبين الأصل المقطوع به، فبقي الامر فيها على أحد الوجهين المتقدمين:
وهو أما تركها بالكلية والعمل بالأصل، لان الظني إذا عارض القطعي وجب العمل بالقطعي والعمل بها وترك الأصل، لأنها نص والنص الشرعي في الأكثر على خلاف الأصل، كما هو مذهب الشيخ وابن الجنيد، فإنهما أفتيا بمضمون الرواية. وللشيخ أبو العباس وجه ثالث، وهو العمل بالأصل وبالرواية معا، فيعمل بالأصل فيما اقتضاه من الأمور الكلية القطعية، وبالرواية في مورد النص فلا يتعدى بها عن هيئتها، فلا بد من اشتراط الاجل، وكونه نسية، وكون الجارية بكرا، وكون المشترى لا مال له، ولا شيئا يحيط بثمنها (معه).
(٣٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 346 347 348 349 350 351 352 353 354 355 356 ... » »»
الفهرست