قلنا: بإزائه عالم من الناس ينكرون قوله، على أن سفيان بن عيينة روى عن مجاهد قول النبي صلى الله عليه وآله: السباق أربعة: يوشع إلى موسى، وصاحب يس إلى عيسى (1) و علي إلى النبي صلى الله عليه وآله.
ومنها: حديث عمر بن مرة عن النخعي: أبو بكر أول من أسلم، قلنا: يقابله من هو أجل منه الباقر والصادق عليهما السلام وقتادة والحسن وغيرهم وقد روى تمدحه عليه السلام بذلك من طرق لا تحصى وأخبار من النبي صلى الله عليه وآله والصحب والتابعين لا تستقصى، وأنشأت الفضلاء فيه أشعارهم، فلم ينكر عليهم، من طلبها عثر عليها، وقد أسلفنا جانبا منها.
ومنها: أن عليا احتج على طلحة والزبير بالبيعة ونكثها، ولم يذكر النص فدل على عدمه، واحتج على معاوية ببيعة الناس له.
قلنا: الإمامة لا تصح بالبيعة لأن البيعة لا تصح إلا لإمام كالنبوة فلو توقفت عليها لزم الدور، وإنما احتج عليهم لأنها حجة عندهم أي أقطع لعذرهم.
ومنها: قول العباس لعلي: امدد يدك أبايعك، دليل عدم النص قلنا:
لا بل إنما طلبها لأنها الحجة القاطعة عندهم، فأراد إلزامهم إن تمسكوا بها، و لأن البيعة لا تنافي النص، فإنها تقع للنصرة والدفاع، ولهذا قال: فلا تختلف عليك ولو كانت البيعة لتثبيت الإمامة لأوجبت الاختلاف، وقد بايع النبي صلى الله عليه وآله عند الشجرة بعد ثبوت نبوته، وحمل عمر الناس على بيعته بعد نص أبي بكر عليه، فما الحاجة إلى ذلك على ما ذكرتم، ولهذا لما ألح عليه قال: إن النبي صلى الله عليه وآله أمرني أن لا أجرد سيفا بعده، حتى يأتيني الناس طوعا أو أنه كره أن يتوصل إلى حقه بباطل مع قيام النص.
إن قيل: فقد توصل بباطل بعد عثمان، قلنا: كان النص مندرسا بمرور الأزمان، أو لأنه لو بايع لزمه الحرب والقيام، وفيه درس الاسلام، كما قال:
لولا قرب عهد الناس بالكفر لجاهدتهم، وقد احتج في الشورى بالنص، فلم يكن في حال من الأحوال ثابتا على الاختيار.