المواد المحاد لله ورسوله، في قوله: (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله (1)).
وثالثا أن الغوغاء لم تكن بطلب الكتاب بل بالمخالفة كما أخرجه البخاري وغيره من قول بني هاشم: قربوا إليه كتابا، وقول عمر ومن معه: لا ندعه يكتب وإنه قد هجر، وفي رواية: ولا يعلم ما يقول، فعندها قال: اخرجوا عني، وهذا أذى لرسول الله، وقد قال الله: (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله) الآية (2).
قالوا: اعتقد عمر الصواب في ترك الكتاب، وكان ذلك في مستقبل الأزمان بويع أبو بكر فلم يختلف عليه اثنان.
قلنا: أول ما فيه أنه اجتهاد بحضرة الرسول صلى الله عليه وآله، والاجماع في منعه للعدول إلى الطعن في اليقين الحاصل، وثانيا قبح اعتقاده أن الصواب في عقله وتدبيره، و الخطأ في عقل النبي وتدبيره، وثالثا ورد في كتبهم ما أجمعوا عليه من قول ابن عباس الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وآله وبين كتابه.
ورابعا قولهم: لم يختلف عليه اثنان وقد خالف سعد سيد الخزرج، حتى قتل لأجل خلافه، وخالف علي حتى قالوا: نضرب عنقك، وخالف أهل الردة في ولايته، وقوم جبلة في ولاية عمر، واجتمع أكثر الصحابة على قتل عثمان، و خالف الفرق الثلاث لعلي عليه السلام، هذا وقد تلقت الأمة بالقبول، قول الرسول ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة واحدة ناجية، والباقون في النار.
قالوا: ليس في قوله: يهجر منقصة لأن المراد بالهجر الخارج عن حد الصحة من حيث الكثرة والقلة، لانغمار قلبه بجهد المرض، وقد سها في حال صحته، فسلم في العصر على ركعتين كما في خبر ذي اليدين.
قلنا: أما ما ذكرتم في تعريف الهجر فخارج عن اللغة، قال الجوهري:
الهجر الهذيان، وروى أبو عبيد (3) في قوله: إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا