الصراط المستقيم - علي بن يونس العاملي - ج ٣ - الصفحة ٣
بسم الله الرحمن الرحيم (تتمة الباب الثاني عشر) (في الطعن فيمن تقدمه بظلمه وعدوانه) النوع الثاني * (في عمر) * وهو أمور. منها: أن النبي صلى الله عليه وآله طلب دواة وكتفا ليكتب لهم كتابا لا يختلفون بعده، وأراد النص على علي عليه السلام وتوكيد ما قال في حقه يوم الغدير وغيره، فلما أحس عمر بذلك منعه وقال: إنه يهجر (1) هذه روايتهم فيه قالوا: إنما أراد أن يكتب بخلافة أبي بكر إذ أسر الحديث المضمون في
(١) رواه البخاري في كتاب العلم باب كتابة العلم (ج ١ ص ٣٢ ط دار إحياء الكتب العربية) ولفظه:
حدثنا يحيى بن سليمان، قال: حدثني ابن وهب قال: أخبرني يونس عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس قال: لما اشتد بالنبي صلى الله عليه وآله وجعه قال:
ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده، قال عمر: إن النبي صلى الله عليه وآله غلبه الوجع وعندنا كتاب الله حسبنا فاختلفوا وكثر الله قال: قوموا عني ولا ينبغي عندي التنازع فخرج ابن عباس يقول، إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وآله وبين كتابه.
وهكذا في كتاب المرض باب قول المريض قوموا عني (ج، ص ٧) ولفظه: حدثنا إبراهيم بن موسى حدثنا هشام عن معمر وحدثني عبد الله بن محمد حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس رضي الله عنهما قال، لما حضر رسول الله صلى الله عليه وآله وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب قال النبي صلى الله عليه وآله هلم أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده فقال عمر: إن النبي صلى الله عليه وآله قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله، فاختلف أهل البيت فاختصموا منهم من يقول قربوا يكتب لكم النبي صلى الله عليه وآله كتابا لن تضلوا بعده، ومنهم من يقول ما قال عمر فلما أكثروا الاختلاف عند النبي صلى الله عليه وآله قال رسول صلى الله عليه وآله:
قوموا: قال عبيد الله: فكان ابن عباس يقول: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وآله وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم.
قال السيد شرف الدين في كتابه النص والاجتهاد - وقد بحث عن ذلك أحسن بحث - وهذا الحديث أخرجه مسلم في آخر كتاب الوصايا (ص ٣٢٥ من الجزء الأول) وسائر أصحاب السنن والأخبار، وقد تصرفوا فيه فنقلوه بالمعنى لأن لفظه الثابت: (إن النبي يهجر) لكنهم ذكروا أنه قال إن النبي قد غلب عليه الوجع، تهذيبا للعبارة، واتقاء فظاعتها.
ويدلك على هذا أن المحدثين حيث لم يصرحوا باسم المعارض يومئذ نقلوا المعارضة بعين لفظها، قال البخاري في باب جوائز الوفد من كتاب الجهاد والسير (ج 2 ص 178) من صحيحه:
حدثنا قبيصة حدثنا ابن عيينة عن سلمان الأحول عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال: (يوم الخميس وما يوم الخميس) ثم بكى حتى خضب دمعه الحصباء، فقال: واشتد برسول الله صلى الله عليه وآله وجعه يوم الخميس فقال: ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا، فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع، فقالوا: هجر رسول الله، قال صلى الله عليه وآله: دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه، وأوصى عند موته بثلاث: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب. وأجيروا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم، ونسيت الثالثة!