وكان عمر أحد الفقهاء يضطر إليه اضطرار الفقير إلى الغني. والضعيف إلى القوي فأراد الجاحظ الحط لعلي من رتبته، فبالغ في تنقيص أحبته، وهذا من حمق الجاحظ وجهالته.
وقد روى البخاري قول النبي صلى الله عليه وآله: اللهم أدر الحق مع علي، وروى ابن مردويه قول النبي: الحق مع علي، وروى أيضا قول النبي صلى الله عليه وآله: ألا وإن الحق معه يتبعه ألا فميلوا معه، ونحو ذلك كثير ولو فرضنا أنه اجتهد وأخطأ فلا لوم عليه، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله أيضا كل مجتهد مصيب.
ومنها: أنه بلغ به الجهل إلى إنكار موت النبي حتى قال له أبو بكر:
(إنك ميت وإنهم ميتون (1) (أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم (2)) فقال:
الآن أيقنت بوفاته، وكأني لم أسمعها (3) إن قيل: كان ذلك سهوا قلنا: كيف يقع السهو في الأمور المحسوسة، و خاصة في احترام خاتم النبوة، ومتى جاز السهو في هذه، جاز في جميع الأحكام فلا يوثق بها، وغلبة السهو توجب انعزال قاضي الأمة فضلا عن إمام الأمة.
وقد روى إنكاره لموته جميع أهل السير منهم البخاري والشعبي والجرجاني والطبري والزمخشري حتى قال العباس: إنما يقوله ابن الخطاب، فإنه لا يعجز أن يحثوا عنه خلوا بيننا وبينه، فإنه يأسن، أي يتغير، ولا عجب من إنكاره لموته وخطائه في أحكامه، وقد اجتهد في حفظ سورة البقرة بسبع سنين وقيل: اثنتي عشرة ونحر جزورا وليمة عند فراغه.
قالوا: إنما أنكر موته استصلاحا للرعية قلنا هذا يبطله قوله: الآن تيقنت وقوله لابن عباس: ما حملني على ذلك إلا قوله تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة