تعالى: (انظر إلى إلهك (1)) أي في اعتقادك (إنك أنت العزيز الكريم (2)) أي عند نفسك في قومك.
إن قيل: هذا خروج عن الظاهر، قلنا: ذلك متعين لأجل دليل قاهر، هو ما ذكرناه من الفريقين، ومن كونه خير البرية ونحوه، وقد قيل: إن معاوية بث الرجال في الشام يخبرون بأنه عليه السلام تبرأ منهما وأنه شرك في دم عثمان ليصرف وجوه الناس عن نصرته، فغير بعيد أن يكون قال ذلك: لإطفاء هذه النائرة.
وأيضا لم يدل قوله: إنهما خير هذه الأمة، على تفضيل لهما عليه، لأن المتكلم يخرج من الخطاب فإن النبي صلى الله عليه وآله قال: ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء ذا لهجة أصدق من أبي ذر، ولم يكن كونه أصدق من النبي صلى الله عليه وآله.
وأيضا فإنه فأشار إلى أمة كانت حاضرة وهي دونهما في الفضل، ولأن تلك الأمة هي المتحيرة بنصبها من عزل الله، وعزلها من نصب الله، ولأنه أراد أن يستنهضهم بما تميل قلوبهم إليه فإن الحرب خدعة.
ومنها: قول النبي صلى الله عليه وآله: إذا سلك عمر طريقا سلك الشيطان في غيرها، قلنا:
الشيطان لم يهب آدم فأخرجه من الجنة وهي محفوفة بالملائكة، ولا موسى إذ قتل الرجل، فقال: (هذا من عمل الشيطان (3)) ولا يوشع إذ قال: (ما أنسانيه إلا الشيطان (4) (وقد قال تعالى: (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته (5)) وقال: (الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان (6)) وقد كان عمر منهم، فكيف يستزله وهو يهابه.