لا يسمى على الاطلاق الديني إيمانا وإسلاما.
ويدل على ذلك أن أمير المؤمنين - عليه السلام - قد تمدح به وجعله من مفاخره واحتج به على أعدائه وكرره في غير مقام من مقاماته حيث يقول: " اللهم إني لا أعرف عبدا لك من هذه الأمة عبدك قبلي "، وقوله - عليه السلام -: " أنا الصديق الأكبر آمنت قبل أن يؤمن أبو بكر وأسلمت قبل أن يسلم " وقوله - عليه السلام - لعثمان: " أنا خير منك ومنهما عبدت الله قبلهما وعبدت الله بعدهما " وقوله - عليه السلام -: " أنا أول ذكر صلى " وقوله - عليه السلام -: " على من أكذب أعلى الله وأنا أول من آمن به وعبده ".
فلو كان إيمانه على ما ذهبت إليه الناصبة من جهة التلقين ولم يكن له معرفة ولا علم بالتوحيد لما جاز منه - عليه السلام - أن يتمدح بذلك، ولا أن يسميه عبادة، ولا أن يفتخر به على القوم، ولا أن يجعله تفضيلا له على أبي بكر وعمر ولو أنه فعل من ذلك ما لا يجوز لرده عليه مخالفوه واعترضه فيه مضادوه وحاجه في بطلانه مخاصموه، وفي عدول القوم عن الاعتراض عليه وتسليم الجماعة له ذلك دليل على ما ذكرناه وبرهان على فساد قول الناصبة الذي حكيناه.
وليس يمكن أن يدفع ما رويناه في هذا الباب من الأخبار لشهرتها وإجماع الفريقين من الناصبة والشيعة على روايتها، ومن تعرض للطعن فيها مع ما شرحناه لم يمكنه الاعتماد على تصحيح خبر وقع في تأويله الاختلاف، وفي ذلك إبطال جمهور الأخبار وإفساد عامة الآثار وهب أن من لا يعرف الحديث ولا خالط حملة العلم يقدم على إنكار بعض ما رويناه أو يعاند فيه بعض العارفين به ويغتنم الفرصة بكونه خاصا في أهل العلم، كيف يمكن دفع شعر أمير المؤمنين - عليه السلام - في ذلك وقد شاع من شهرته على حد يرتفع فيه الخلاف وانتشر حتى صار مذكورا مسموعا من العامة فضلا