فصل وسمعت شيخنا أيده الله يقول: إن مما يشهد برذالة بني تيم بن مرة وبني عدي ويجب أن يضاف إلى ما سلف لنا في ذلك، قول أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية حين بلغه بيعة الناس لأبي بكر فجعل يقول ويحرض بني هاشم على فسخ أمره ويدعوهم إلى تقديم أمير المؤمنين - عليه السلام - وتسليمه ويقول:
بني هاشم لا يطمع الناس فيكم * ولا سيما تيم بن مرة أو عدي فما الأمر إلا فيكم وإليكم * وليس لها إلا أبو حسن علي أبا حسن فاشدد لها كف حازم * فإنك بالأمر الذي يرتجى ملي أفلا ترون إلى قول هذا الشيخ بحضرة الملأ وبحيث يبلغ قوله الحاضر والبادي كيف يزري على تيم وعدي ويظهر القول برذالتها وقصورها عن استحقاق الخلافة ونيل الرياسة وهو وإن كان منافقا عندنا فإن وصف القبائل لا تتعلق صحته بما ينفي نفاقه ولا يخل نفاقه بصدقه في وصفه لأن العرب كانوا أهل أنفة من الكذب فيما يعلم باضطرار ضد مقالتهم فيه لا سيما وأبو سفيان سيد من سادات قومه، فأقل ما في هذا الباب أن ينزل بشعره منزلة شعر الجاهلية في وصف القبائل بالشجاعة أو الجبن أو السخاء أو البخل أو الشرف أو الضعة، وإذا كان الأمر على ما بيناه سقط قول من رام إبطال احتجاجنا بقول أبي سفيان على ما ذكرناه لموضع نفاقه وخلافه الدين على ما بيناه.