المؤمنين - عليه السلام - من قبل أنه كان رأيه في أيام عمر أن لا يخالفه في (الفتيا خوفا من انتشار الكلمة ووقوع الفساد وذلك هو الذي توجبه الحكمة في تدبير الدين واستصلاح الأنام، فلما أفضي الأمر إليه زال ما كان يخافه فيما سلف من إظهار الخلاف فحكم بما لم يزل يعتقده من جواز بيع أمهات الأولاد كما رأى رسول الله (ص) في عام الحديبية، إمضاء أحكام الكفار والكف عن الحرب لهم والجهاد ثم زالت العلة الموجبة لذلك في عام الفتح فرأى حربهم وجهادهم وخلاف ما كان رآه قبل من الأحكام.
فأما اعتراض عبيدة قوله بالرد، فذلك نظير رد الخوارج عليه في التحكيم وحرب طلحة والزبير ومعاوية وأهل الشام له، ولم يخل ذلك بكمال عصمته - عليه السلام - كما لم يقدح خلاف المشركين لرسول الله (ص) وردهم عليه وحربهم له في نبوته وعصمته ومن اعتمد على ما اعتمد عليه الجاحظ وأستاذه وأشياعهما في هذا الباب، فقد وضح جهله وبان عجزه.
ثم قال الجاحظ: وقال إبراهيم: وقد قضى يعني أمير المؤمنين - عليه السلام - في الحد بقضايا مختلفة، وهذا تخرص منه لا خفاء به لأنه لا يحفظ عنه في الحد إلا قول واحد ولم يختلف من أهل النقل عليه في ذلك اثنان ومن اعتمد على البهت هان أمره.
ثم قال إبراهيم: وندم - يعني أمير المؤمنين - عليه السلام - على إحراق المرتد بعد الذي كان من فتيا ابن عباس، وهذا من أطرف شئ سمع وأعجبه، وذلك أن ابن عباس أحد تلامذته والآخذين العلم عنه، وهو الذي يقول: كان أمير المؤمنين - عليه السلام - يجلس بيننا كأحدنا ويداعبنا ويبسطنا، ويقول: والله ما ملأت طرفي قط منه هيبة له - عليه السلام -، فكيف يجوز من مثل من وصفناه التقدم على أمير المؤمنين