قضى بقضاء فقال له رجل: أصبت والله يا أمير المؤمنين، فقال: وما يدريك أني أصبت والله ما يدري عمر أ أصاب أم أخطأ، ورويتم عن سفيان الثوري عن عاصم عن الشعبي عن ابن عباس أنه قال: ربما أنهاكم عن أشياء لعلها ليس بها بأس وآمركم بأشياء لعل بها بأسا، ورويتم عن عمر وعن طاووس أن ابن عمر سئل عن شئ فقال: لا أدري فإن شئت أخبرتك بالظن.
قال إبراهيم: فقد أقر القوم على أنفسهم أنهم بالظن كانوا يريقون الدماء، وبالظن كانوا يبيحون الفروج، وبالظن يحكمون في الأموال، وبالظن يوجبون العبادات وقد نهى الله عز وجل العباد أن يحكموا بالظن ويشهدوا به فقال تعالى:
* (إلا من شهد بالحق وهم يعلمون) * (1) وأمر بالعلم واليقين فخالف القوم ذلك وعلموا أن الناس لهم منقادون وأنهم ما قالوا من شئ فهو حتم لا مرد له. قال إبراهيم: وإذا كان هذا المذهب موجودا في الأكابر والأصاغر من السلف فما ظنك بالتابعين، ثم ما ظنك بالفرق التي بينهم، وإذا كان هذا ما أقروا به على أنفسهم فما لم يقروا به ورأوا ستره أكثر.
قال الشيخ أيده الله: وقد أدخل إبراهيم النظام أمير المؤمنين - عليه السلام - في جملة من ذكرنا قوله فيه ونظمه معهم في معايب الأقوال عنادا منه له - عليه السلام - وعصبية لم يلجأ فيها إلى شبهة بل اعتمد في نصرتها على البهت واللجاج، وظن الجاحظ وإخوانه من أهل الاعتزال أن إبراهيم قد أخذ بطائل من ذلك وسوى بين القوم في الحكم عليهم بموجب الضلال وليس الأمر كما ظنوه في استواء الأحوال لكنه مستمر في القول منهم والاعتقاد دون الحجة الموجبة للاتفاق.
والدليل على ذلك أن الذي حكى عن النظام عمن ذكرناه متفق عليه عند