الفريقين منهما إلا ما حصل عليه الاجماع أو يضم إليه دليل يقوم مقام الاجماع في الحجة والبيان، وفي هذا إسقاط الاحتجاج بالخبر من أصله.
مع أني أسلمه لك تسليم جدل وأبين لك أنك لم توف الدليل حقه ولا اعتمدت على برهان، وذلك أنه ليس من شرط الكاذب في خبر أن يكون كاذبا في جميع الأخبار، ولا من شرط من صدق في شئ أن يصدق في كل الأخبار وقد وجدنا اليهود والنصارى والملحدين يكذبون في أشياء ويصدقون في غيرها، فلا يجب لصدقهم فيما صدقوا فيه أن نصدقهم فيما كذبوا فيه، ولا نكذبهم فيما صدقوا لأجل كذبهم في الأمور الأخر ولا نعلم أن أحدا من العقلاء جعل التصديق لزيد في مقالة واحدة دليلا على صدقه في كل أخباره.
وإذا كان ذلك كذلك فما أنكرت أن يكون الرجل مخطئا فيما رواه عن النبي (ص) في الميراث وأن أمير المؤمنين - عليه السلام - قد صدقه فيما رواه من الحديث الذي لم يستحلفه فيه، فيكون وجه تصديقه له وعلة ذلك أنه - عليه السلام - شاركه في سماعه من النبي (ص) فكان حفظه له عنه يغنيه عن استحلافه، ويدله على صدقه فيما أخبر به ولا يكون ذلك من حيث التعديل له والحكم على ظاهره.
على أن الذي رواه أبو بكر عن النبي (ص) يدل على صحته العقل ويشهد بصوابه القرآن فكان تصديق أمير المؤمنين - عليه السلام - له من حيث العقل والقرآن لا من جهة روايته هو عن النبي (ص) ولا لحسن ظاهر له على ما قدمناه.
وذلك أن الخبر الذي رواه أبو بكر هو أن قال: سمعت رسول الله يقول: " ما من عبد يذنب ذنبا فيندم عليه ويخرج إلى صحراء فلاة فيصلي ركعتين ثم يعترف به ويستغفر الله عز وجل فيه إلا غفر الله له " وهذا شئ قد نطق به القرآن، قال الله تعالى * (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما