مع أني لست أفهم منك معنى التوطئة لأن كل كلام اعتل به معتل ففسد فقد انهدم ما بناه عليه ووضح فساد ما بينه إن بناه عليه، فاعتذارك في فساد ما تقدم ما بناه توطئة لا معنى له.
ولكننا نتجاوز هذا الباب ونقول لك: ما أنكرت على من قال لك إن ما ادعيته من أن أمير المؤمنين - عليه السلام - بايع الرجل دعوى عرية عن برهان ولا فرق بينها وبين قولك إنه كان مصيبا فيما حكم به على فاطمة - عليها السلام - فدل على أن أمير المؤمنين - عليه السلام - قد بايع على ما ادعيت ثم ابن عليه، فإما أن تعتمد على الدعوى المحضة فإنها تضر ولا تنفع، وقولك إنه - عليه السلام - صلى خلف الرجل، فإن كنت تريد أنه صلى متأخرا عن مقامه فلسنا ننكر ذلك وليس فيه دلالة على رضاه به، وإن أردت أنه صلى مقتديا به ومؤتما فما الدليل على ذلك فإنا نخالفك فيه وعنه ندفعك، وهذه دعوى كالأولى تضر من اعتمد عليها أيضا ولا تنفع.
وأما قولك إنه أخذ العطاء فالأمر كما وصفت، ولكن لم زعمت أن في ذلك دلالة على رضاه بإمامته والتسليم له في حكمه، أوليس تعلم أن خصومك يقولون في ذلك إنه أخذ بعض حقه ولم يكن يحل له الامتناع من أخذه لأن في ذلك تضييعا لماله وقد نهى الله تعالى عن التضييع وأكل الأموال بالباطل.
وبعد فما الفصل بينك وبين من جعل هذا الذي اعتمدت عليه بعينه حجة في إمامة معاوية، فقال: وجدت الحسن والحسن و عبد الله بن عباس و عبد الله بن جعفر وغيرهم من المهاجرين والأنصار قد بايعوا معاوية بن أبي سفيان بعد صلح الحسن - عليه السلام - وأخذوا منه العطاء وصلوا خلفه الفرائض ولم ينكروا عليه بيد ولا لسان فكل ما جعلته اسقاطا لهذا الاعتماد فهو بعينه دليل على فساد ما اعتمدته حذو النعل بالنعل، فلم يأت بشئ تجب حكايته.