كلمة الإمامية على أن القائم هو ابن الحسن - عليه السلام - فظن المعتمد أنه يظفر به فيقتله ويزيل طمعهم في ذلك فلم يتمكن من مراده وبقي بعض جواري أبي محمد - عليه السلام - في الحبس أشهرا كثيرة، فدل بذلك على الفرق بين حال النبي (ص) في مولده وبين الإمام - عليه السلام - على ما قدمناه بما ذكرناه وشرحناه.
وشئ آخر وهو أن الخوف قد كان مأمونا على رسول الله (ص) من بني هاشم وبني عبد المطلب وجمع أهل بيته وأقاربه، لأن الشرف المتوقع له بالنبوة كان شرفهم والمنزلة التي تحصل له بذلك فهي تختص بهم، وعلمهم بهذه الحال يبعثهم على صيانته وحفظه وكلاءته ليبلغ الرتبة التي يرجونها له فينالون بها أعلى المنازل ويملكون بها جميع العالم.
وأما البعداء منهم في النسب فيعجزون عن إيقاع الضرر به لموضع أهل بيته ومنعهم منه وعلمهم بحالهم وأنهم أمنع العرب جانبا وأشدهم بأسا وأعزهم عشيرة، فيصدهم ذلك عن التعرض له ويمنع من خطوره ببالهم، وهذا فصل بين حال النبي (ص) فيما يوجب ظهوره مع انتشار ذكره والبشارة به، وبين الإمام فيما يجوز استتاره وكتم أمر ولادته، وهذا بين لمن تدبره.
وشئ آخر وهو أن ملوك العجم في زمان مولد النبي (ص) لم يكونوا يكرهون مجئ نبي يدعو إلى شرع مستأنف ولا يخافون بمجيئه على أنفسهم ولا على ملكهم لأنهم كانوا ينوون الإيمان به والاتباع له، وقد كانت اليهود تستفتح به على العرب وترجو ظهوره كما قال الله عز وجل: * (فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به) * (1) وإنما حصل للقوم الخلاف عليه والإباء له بنية تجددت لهم عند مبعثه.
ولم يجر أمر الإمام المنتظر - عليه السلام - هذا المجرى بل المعلوم من حال جميع