وكانوا كثرة قد رحلوا إليه لهذا المعنى بعينه على ما ذكره أهل السير فرجعوا فنصر أكثرهم المختار على الطلب بدم أبي عبد الله الحسين - عليه السلام - ولم ينصروه على القول بإمامة أبي القاسم.
ومن قرأ الكتب وعرف الآثار وتصفح الأخبار وما جرى عليه أمر المختار لم يخف عليه هذا الفصل الذي ذكرناه فكيف يصح القول بإمامة محمد مع ما وصفناه.
فصل فأما ما تعلقوا به فيما ادعوه من إمامته من قول أمير المؤمنين - عليه السلام - له يوم البصرة وقد أقدم بالراية: " أنت ابني حقا " فإنه جهل منهم بمعاني الكلام وعجرفة في النظر والحجاج، وذلك أن النص لا يعقل من ظاهر هذا الكلام ولا من فحواه على معقول أهل اللسان ولا من تأويله على شئ من اللغات، ولا فصل بين من ادعى أن الإمامة تعقل من هذا اللفظ وأن النص بها يستفاد منه، وبين من زعم أن النبوة تعقل منه وتستفاد من معناه إذ تعريه من الأمرين جميعا على حد واحد.
فإن قال منهم قائل: إن أمير المؤمنين - عليه السلام - لما كان إماما وقال لابنه محمد: " أنت ابني حقا " دل ذلك على أنه إنما شبهه به في الإمامة لا غير فكان هذا القول منه تنبيها على استخلافه له على حسب ما بيناه.
قيل له: لم زعمت أنه لما أضافه إلى نفسه وشبهه بها دل على أنه أراد التشبيه له بنفسه في الإمامة دون غير هذه الصفة من صفاته - عليه السلام -، وما أنكرت أنه أراد تشبيهه به في الصورة دون ما ذكرت.