فصل فأما من ذهب إلى إمامة محمد بن إسماعيل بنص أبيه عليه فإنه منتقض القول فاسد الرأي، من قبل أنه إذا لم يثبت لإسماعيل إمامة في حياة أبي عبد الله - عليه السلام - لاستحالة وجود إمامين بعد النبي (ص) في زمان واحد، لم يجز أن تثبت إمامة محمد لأنها تكون حينئذ ثابتة بنص غير إمام، وذلك فاسد بالنظر الصحيح.
فصل وأما من زعم أن أبا عبد الله - عليه السلام - نص على محمد بن إسماعيل بعد وفاة أبيه، فإنهم لم يتعلقوا في ذلك بأثر وإنما قالوه قياسا على أصل فاسد وهو ما ذهبوا إليه من حصول النص على أبيه إسماعيل، وزعموا أن العدل يوجب بعد موت إسماعيل النص على ابنه لأنه أحق الناس به، وإذا كنا قد بينا عن بطلان قولهم فيما ادعوه من النص على إسماعيل فقد فسد أصلهم الذي بنوا عليه الكلام.
على أنه لو ثبت ما ادعوه من نص أبي عبد الله - عليه السلام - على ابنه إسماعيل لما صح قولهم في وجوب النص على محمد ابنه من بعده لأن الإمامة والنصوص ليستا موروثتين على حد ميراث الأموال، ولو كانت كذلك لاشترك فيها ولد الإمام، وإذا لم تكن موروثة وكانت إنما تجب لمن له صفات مخصوصة ومن أوجبت المصلحة إمامته، فقد بطل أيضا هذا المذهب.