فإن قال: إنه لم يجر في تلك الحالة ذكر الصورة ولا ما يقتضى أن يكون أراد تشبيهه به فيها بالإضافة التي ذكرها فكيف يجوز حمل كلامه - عليه السلام - على ذلك.
قيل له: وكذلك لم يجر في تلك الحال للإمامة ذكر فتكون إضافته إلى نفسه بالذكر دليلا على أنه أراد تشبيهه به فيها على أن لكلامه - عليه السلام - معنى معقولا ولا يذهب عنه منصف، وذلك أن محمدا لما حمل الراية ثم صبر حتى كشف أهل البصرة فأبان من شجاعته وبأسه ونجدته ما كان مستورا، سر بذلك أمير المؤمنين - عليه السلام - فأحب أن يعظمه ويمدحه على فعله فقال له: " أنت ابني حقا " يريد به أنك شبيهي في الشجاعة والبأس والنجدة وقد قيل: إن من أشبه أباه فما ظلم.
وقيل: إن من نعمة الله على العبد أن يشبه أباه ليصح نسبه.
فكان الغرض المفهوم من قول أمير المؤمنين - عليه السلام - التشبيه لمحمد به في الشجاعة والشهادة له بطيب المولد والقطع على طهارته والمدحة له بما تضمنه الذكر من إضافته، ولم يجر للإمامة ذكر ولا كان هناك سبب يقتضي حمل الكلام على معناها ولا تأويله على فائدة يقتضيها، وإذا كان الأمر على ما وصفناه سقطت شبهتهم في هذا الباب.
ثم يقال لهم: فإن أمير المؤمنين - عليه السلام - قال في ذلك اليوم بعينه في ذلك الموطن نفسه - بعد أن قال لمحمد المقال الذي رويتموه - للحسن والحسين - عليهما السلام - وقد رأى فيهما انكسارا عند مدحه لمحمد رضي الله عنه: " وأنتما ابنا رسول الله " فإن كان إضافة محمد رضي الله تعالى عنه بقوله: " أنت ابني حقا " يدل على نصه عليه فإضافته الحسن والحسين - عليهما السلام - إلى رسول الله (ص) يدل على أنه قد نص على نبوتهما إذ كان الذي أضافهما إليه نبيا ورسولا وإماما فإن لم يجب ذلك بهذه الإضافة لم يجب بتلك ما ادعوه، وهذا بين لمن تأمله.