لطيفا وطبعه شريفا وذهنه زكيا وعقله نقيا أمكنه أن يعالجها بحسن التدبير ولطف التصوير بأن يتصور أنه لا ينبغي له الفخر والتكبر على من تقدمه في العلم لما فيه من فضيلة العلم الذي قال الله تعالى في تعظيمه: (هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «ولا يبلغ جميع العابدين في فضل عبادتهم ما بلغ العاقل» ولا على من تأخر عنه في العلم إذ لعل قليل علمه يكون مقبولا وكثير علمه يكون مردودا ولا على الجاهل والفاسق إذ قد يكون لهما خصلة خفية وصفة قلبية موجبة لمحبة الرب ورحمته، ولو فرض خلوهما عن جميع ذلك بالفعل فلعل الأحوال في العاقبة تنعكس وقد وقع أمثال ذلك كثيرا، ولو فرض عدم ذلك فليتصور أن تكبره في نفسه شرك فيحبط عمله فيصير هو في الآخرة مثلهم بل أقبح منهم والله هو المستعان، وانما بسطنا الكلام لأن في أحاديث هذا الباب إشارة اجمالية إلى ما ذكرنا يظهر لمن تأمل فيها تأملا دقيقا.
2 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): آفة الحسب الافتخار والعجب.
* الشرح:
قوله (آفة الحسب الافتخار والعجب) الحسب بفتحتين مصدر حسب وزان شرف شرفا وكرم كرما ومعناه بالفارسية «شمردن»، وكثيرا ما يطلق على ما يعده الرجل من مآثر آبائه ومفاخرهم ومناقبهم مثل الشجاعة والجود والشرف والمجد والحماية ونحوها، وقيل: الحسب والكرم يكونان في الرجل وإن لم يكن له آباء لهم شرف، والشرف والمجد لا يكونان إلا بالآباء، ويشهد له قول الشاعر:
من كان ذا نسب كريم ولم يكن * له حسب كان اللئيم المذمما ولعل المراد أن الحسب يستتبع آفة الافتخار ويوجبها لأن آفة الافتخار بالحسب تضيعه وإن كان محتملا.
3 - أبو علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن محمد بن إسماعيل، عن حنان عن عقبة ابن بشير الأسدي قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): أنا عقبة بن بشير الأسدي وأنا في الحسب الضخم من قومي قال: فقال: ما تمن علينا بحسبك؟ إن الله رفع بالإيمان من كان الناس يسمونه وضيعا إذا