شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٩ - الصفحة ٣٧٠
أمكنه التحرز من التكبر والفخر. وأما العملية فهي المداومة على التواضع لكل عالم وجاهل وصغير وكبير، والمواظبة على الانكسار والعجز والاقتداء بطريقة المتواضعين من الأنبياء والمرسلين والاهتداء بسنة الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) وغيرهم من الأخيار الصالحين، فإن من تتبع سيرتهم وحسن معاشرتهم مع الخلائق وجد أنهم كانوا متواضعين في جميع الأحوال. ثم الذي يبعث المتكبر على التكبر أمور:
الأول: النسب، فإن كان افتخاره به باعتبار أن أباه كان حاكما فليعلم أن كل حاكم غير معصوم فهو طاغوت كما ورد به الخبر، وكل طاغوت من أهل النار فوجب البراءة منه فكيف يفتخر به، وإن كان باعتبار أنه كان ذا مال فليعلم أن المال ليس من الكمالات التي يقع بها الافتخار بل ورد ذمه في كثير من الأخبار، وعلى تقدير أن يكون كمالا كان ذلك الكمال لأبيه لا له، والعاقل لا يفتخر بكمال غيره.
وإن كان باعتبار أنه كان خيرا أو فاضلا عالما فليعلم أن ذلك الكمال كان لأبيه وهو بريء منه ويتوجه إليه ما قيل:
پسر كو ندارد نشان پدر * تو بيگانه خوانش مخوانش پسر على أنه لو حضر أبوه وقال له: الشرف الذي تدعيه وتفتخر به كان لي فما لك من شرف تفتخر به فهو يعجز عن الجواب ويسود وجهه ويستحق أن يقال له:
إن افتخرت بآباء مضوا سلفا * قلنا صدقت ولكن بئس ما ولدا ثم لما كان نظره إلى الأصل كان أصله القريب أولى بالنظر إليه وهو النطفة القذرة النجسة المنتنة، وقد أشار سبحانه إلى أصل الإنسان ونسبه بقوله (ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين) فمن كان هذا أصله ونسبه لا يليق به التكبر والافتخار.
الثاني: الحسن والجمال وهو صفاء ظاهر البدن بالتناسب في الصور والأشكال فإن افتخر به فليعلم أنه قد يزول بأدنى الأمراض والاسقام وما هو في عرضة الزوال ليس بكمال يفتخر به ولينظر أيضا إلى أصله مما خلق منه من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة، وإلى ما يصير إليه في القبر من جيفة منتنة وإلى ما في بطنه من الخبائث المكدرة لطبعه مثل الأقذار التي في جميع أعضائه والرجيع الذي في أمعائه والبول الذي في مثانته والمخاط الذي في أنفه والوسخ الذي في أذنيه والدم الذي في عروقه والصديد الذي تحت بشرته إلى غير ذلك من المقابح والفضائح فإذا عرف هذا لم يفتخر بجماله الذي هو كخضراء الدمن.
الثالث: القوة والشجاعة فمن افتخر بها فليعلم أن الذي خلقه هو أشد منه قوة وأن الأسد والفيل أقوى منه وأن أدنى العلل والأمراض تجعله أعجز من كل عاجز، وأذل من كل ذليل وأن البعوضة لو
(٣٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 375 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الاستغناء عن الناس 3
2 باب صلة الرحم 6
3 باب البر بالوالدين 19
4 باب الاهتمام بأمور المسلمين والنصيحة لهم ونفعهم 29
5 باب اجلال الكبير 31
6 باب إخوة المؤمنين بعضهم لبعض 33
7 باب فيما يوجب الحق لمن انتحل الايمان وينقضه 38
8 باب في ان التواخي لم يقع على الدين وانما هو التعارف 39
9 باب حق المؤمن على أخيه وأداء حقه 40
10 باب التراحم والتعاطف 51
11 باب زيارة الاخوان 52
12 باب المصافحة 57
13 باب المعانقة 63
14 باب التقبيل 65
15 باب تذاكر الاخوان 67
16 باب ادخال السرور على المؤمنين 71
17 باب قضاء حاجة المؤمن 77
18 باب السعي في حاجة المؤمن 82
19 باب تفريج كرب المؤمن 87
20 باب اطعام المؤمن 89
21 باب من كسا مؤمنا 95
22 باب في إلطاف المؤمن وإكرامه 97
23 باب في خدمته 101
24 باب نصيحة المؤمن 101
25 باب الإصلاح بين الناس 103
26 باب في أحياء المؤمن 105
27 باب في الدعاء للأهل إلى الايمان 107
28 باب في ترك دعاء الناس 108
29 باب أن الله إنما يعطي الدين من يحبه 114
30 باب سلامة الدين 115
31 باب التقية 118
32 باب الكتمان 127
33 باب المؤمن وعلاماته وصفاته 137
34 باب في قلة المؤمن 184
35 باب الرضا بموهبة الايمان والصبر على كل شيء بعده 189
36 باب في سكون المؤمن إلى المؤمن 196
37 باب فيما يدفع الله بالمؤمن 197
38 باب في ان المؤمن صنفان 198
39 باب ما اخذه الله على المؤمن من الصبر على ما يلحقه فيما ابتلي به 201
40 باب شدة ابتلاء المؤمن 206
41 باب فضل فقراء المسلمين 221
42 باب 231
43 باب ان للقلب اذنين ينفث فيهما الملك والشيطان 233
44 باب الروح الذي أيد به المؤمن 239
45 باب الذنوب 241
46 باب استصغار الذنب 279
47 باب الإصرار على الذنب 281
48 باب في أصول الكفر وأركانه 283
49 باب الرياء 291
50 باب طلب الرئاسة 300
51 باب اختتال الدنيا بالدين 304
52 باب من وصف عدلا وعمل بغيره 305
53 باب المراء والخصومة ومعاداة الرجال 306
54 باب الغضب 310
55 باب الحسد 316
56 باب العصبية 321
57 باب الكبر 323
58 باب العجب 332
59 باب حب الدنيا والحرص عليها 337
60 باب الطمع 352
61 باب الخرق 353
62 باب سوء الخلق 354
63 باب السفه 356
64 باب البذاء 358
65 باب من يتقى شره 365
66 باب البغي 367
67 باب الفخر والكبر 369
68 باب القسوة 375
69 باب الظلم 379
70 باب اتباع الهوى 388
71 باب المكر والغدر والخديعة 393
72 باب الكذب 397
73 باب ذي اللسانين 409
74 باب الهجرة 411
75 باب قطعية الرحم 414
76 باب العقوق 418
77 باب الانتفاء 421
78 باب من آذى المسلمين واحتقرهم 421
79 فهرس الآيات 430