شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٩ - الصفحة ٣٧١
دخلت في أنفه أهلكته ولم يقدر على دفعها فإذا عرف هذه الأمور حق المعرفة علم أنه لا يليق به الافتخار بالقوة.
الرابع: الغنى والثروة.
الخامس: كثرة الأتباع والأنصار والعشيرة وقرب السلاطين والاقتدار من جهتهم، والكبر والفخر بهذين السببين أقبح لأنه بأمر خارج عن ذات الإنسان وصفاته فمن تكبر وافتخر فليعلم أنه لو تلف ماله أو غضب أو نهب أو تغير عليه السلطان وعزله لبقى ذليلا عاجزا، وأن الفرقة اليهودية والفرنكية وأضرابهم أكثر منه أموالا وجاها فإذا علم هذا علم أن التكبر بهما في غاية الجهل، وقد حكي أن رجلا من رؤساء اليونان افتخر على عبد حكيم فقال العبد: سبب افتخارك علي إن كانت هذه الأثواب الفاخرة التي لبستها فالحسن والزينة فيها لا فيك، وإن كان هذا الفرس الذي أنت عليه فالفراهة والكمال فيه لا فيك، وإن كان فضل آبائك فالفضل إن كان كان فيهم لا فيك، فلو أخذ كل ذي فضل فضله بقيت لا شيء وبلا فضيلة فمن أنت حتى تفتخر علي.
السادس: العلم وهذا السبب أعظم الأسباب وأقواها فإنه كمال نفساني له قدر عظيم (1) عند الله تعالى وعند الخلائق وصاحبه معظم عند جميع المخلوقات كما دل عليه صريح الروايات، ولهذا

١ - قوله «فإنه كمال نفساني له قدر عظيم» الملاك في ما يجوز أن يفتخر به الإنسان وما لا يجوز على ما ذكر الشارح في الأمور الخمسة أن كل ما لا يبقى للإنسان وليس له في نفسه لا يجوز الفخر به كالمال والجمال والنسب وقوة البدن وأمثال ذلك، وهو حق لأن النفس تبقى والبدن يفنى، وكل ما يفنى بفناء البدن لا يجوز للعاقل أن يسر به ويعتمد عليه، وأما العلم فكمال للنفس لا للبدن، نعم كل إدراك حاصل لحاسة من الحواس الحالة في الجوارح والأعضاء البدنية فإنه يزول بزوال البدن ولا فخر به كالمحسوسات، وينبغي أن يتأمل الإنسان ويدقق النظر حتى يتحقق لديه أن العلوم الحاصلة للإنسان التي بها يمتاز عن سائر الحيوانات كعلم الحساب والهندسة وخواص النبات والحيوان والمعارف الإلهية وغيرها جميعا أمور كلية عقلية غير مدركة بالحواس الجسمانية بل بقوة مجردة عقلية وإن كانت أول حدوثها محتاجة إلى الاحساس لكن لا يحتاج إليها في البقاء كما قلنا آنفا في مراتب النفس، وأن المزاج الخاص علة معدة لوجود النفس كالحطب للدخان لا علة فاعلة، فتبقى العلوم للإنسان بعد أن صار أعمى وأصم وإن كانت أول حدوثها حاصلة من السمع والبصر، ولكن هاهنا شيئا وهو أن بعض العلوم وإن كانت كلية لكن غايتها الاستعانة بها على المعاش وإتقان الصنائع ولا يفيد فائدة كلية للنفس بعد الفراق عن البدن كالحساب فإنه للتجارة، والهندسة فإنها للصنائع، والبناء والطب لمعالجة المرضى، واختزان أمثال هذه العلوم للنفس وإن كان يبقى بعد الموت بمنزلة اختزان النجار آلاته بعد قطع يده وزوال قدرته، وأما العلم الذي يفيد الإنسان بعد الموت فهو العلم الذي لا يتوقف الاستفادة منه على البدن وليس لنظم أمر الدنيا ومعاشه، وينبغي التأمل والبحث في الفرق بين حالة الإنسان وعلومه المكتسبة في الدنيا وبينهما في الآخرة والميز بينهما، ولعلنا نعود إليه في موضع لائق إن شاء الله تعالى.
(٣٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 366 367 368 369 370 371 372 373 374 375 376 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الاستغناء عن الناس 3
2 باب صلة الرحم 6
3 باب البر بالوالدين 19
4 باب الاهتمام بأمور المسلمين والنصيحة لهم ونفعهم 29
5 باب اجلال الكبير 31
6 باب إخوة المؤمنين بعضهم لبعض 33
7 باب فيما يوجب الحق لمن انتحل الايمان وينقضه 38
8 باب في ان التواخي لم يقع على الدين وانما هو التعارف 39
9 باب حق المؤمن على أخيه وأداء حقه 40
10 باب التراحم والتعاطف 51
11 باب زيارة الاخوان 52
12 باب المصافحة 57
13 باب المعانقة 63
14 باب التقبيل 65
15 باب تذاكر الاخوان 67
16 باب ادخال السرور على المؤمنين 71
17 باب قضاء حاجة المؤمن 77
18 باب السعي في حاجة المؤمن 82
19 باب تفريج كرب المؤمن 87
20 باب اطعام المؤمن 89
21 باب من كسا مؤمنا 95
22 باب في إلطاف المؤمن وإكرامه 97
23 باب في خدمته 101
24 باب نصيحة المؤمن 101
25 باب الإصلاح بين الناس 103
26 باب في أحياء المؤمن 105
27 باب في الدعاء للأهل إلى الايمان 107
28 باب في ترك دعاء الناس 108
29 باب أن الله إنما يعطي الدين من يحبه 114
30 باب سلامة الدين 115
31 باب التقية 118
32 باب الكتمان 127
33 باب المؤمن وعلاماته وصفاته 137
34 باب في قلة المؤمن 184
35 باب الرضا بموهبة الايمان والصبر على كل شيء بعده 189
36 باب في سكون المؤمن إلى المؤمن 196
37 باب فيما يدفع الله بالمؤمن 197
38 باب في ان المؤمن صنفان 198
39 باب ما اخذه الله على المؤمن من الصبر على ما يلحقه فيما ابتلي به 201
40 باب شدة ابتلاء المؤمن 206
41 باب فضل فقراء المسلمين 221
42 باب 231
43 باب ان للقلب اذنين ينفث فيهما الملك والشيطان 233
44 باب الروح الذي أيد به المؤمن 239
45 باب الذنوب 241
46 باب استصغار الذنب 279
47 باب الإصرار على الذنب 281
48 باب في أصول الكفر وأركانه 283
49 باب الرياء 291
50 باب طلب الرئاسة 300
51 باب اختتال الدنيا بالدين 304
52 باب من وصف عدلا وعمل بغيره 305
53 باب المراء والخصومة ومعاداة الرجال 306
54 باب الغضب 310
55 باب الحسد 316
56 باب العصبية 321
57 باب الكبر 323
58 باب العجب 332
59 باب حب الدنيا والحرص عليها 337
60 باب الطمع 352
61 باب الخرق 353
62 باب سوء الخلق 354
63 باب السفه 356
64 باب البذاء 358
65 باب من يتقى شره 365
66 باب البغي 367
67 باب الفخر والكبر 369
68 باب القسوة 375
69 باب الظلم 379
70 باب اتباع الهوى 388
71 باب المكر والغدر والخديعة 393
72 باب الكذب 397
73 باب ذي اللسانين 409
74 باب الهجرة 411
75 باب قطعية الرحم 414
76 باب العقوق 418
77 باب الانتفاء 421
78 باب من آذى المسلمين واحتقرهم 421
79 فهرس الآيات 430