عناق بنت آدم، فأول قتيل قتله الله عناق وكان مجلسها جريبا في جريب وكان لها عشرون إصبعا في كل إصبع ظفران مثل المنجلين فسلط الله عليها أسدا كالفيل وذئبا كالبعير ونسرا مثل البغل، فقتلنها وقد قتل الله الجبابرة على أفضل أحوالهم وآمن ما كانوا.
* الشرح:
قوله (وإن أول من بغى على الله عناق بنت آدم) الظاهر أنها كانت علما لها ويمكن أن يكون إطلاقها عليها (1) من باب الاستعارة تشبيها بعناق الأرض وهي دابة خبيثة نحو الكلب تصيد الوحوش والحيوانات ولا تأكل إلا اللحم (فأول قتيل قتله الله عناق) قتلها لبغيها على المؤمنين، وفيه وعيد للباغي بتعجيل عقوبته.
(وكان مجلسها جريبا في جريب) في المغرب: الجريب بالفتح «ستون» ذراعا في ستين، قال قدامة: الأشل إذا ضرب في مثله فهو جريب، والأشل: طول ستين ذراعا والذراع ست قبضات، والقبضة أربع أصابع، قال: وعشر هذا الجريب يسمى قفيزا، وعشر هذا القفيز عشيرا (المنجلين) المنجل كمنبر حديدة يحصد بها الزرع.
(ونسرا مثل البغل) النسر طائر معروف له قوة في الصيد ويقال لا مخلب له وانما له ظفر كظفر الدجاجة (وقد قتل الله الجبابرة) أي الذين جبروا خلق الله على ما أرادت نفوسهم الخبيثة من الأوامر والنواهي وبغوا عليهم ولم يرفقوا بهم، وقتلهم وهم على أحسن الأحوال والشوكة والقدرة لفسادهم، وبغيهم على عباد الله في القرآن والأخبار مذكور وفي السير والآثار مسطور، وفيه زجر لمن يدعي القوة والاقتدار عن البغي لأن الله تعالى أشد قوة منه ينتصر منه لعباده وهو القوي العزيز.