والفعل، وثانيهما إنكار تلك الكراهية وإرادة زوالها، ولو انتفى أحدهما تحقق الحسد.
(إن عيسى بن مريم كان من شرائعه السيح في البلاد) ساح في الأرض يسيح سيحا إذا سار وذهب فيها، ومنه المسيح بن مريم (عليه السلام).
(فدخله العجب بنفسه فقال: هذا عيسى روح الله يمشي على الماء وأنا أمشي على الماء فما فضله علي) هذا عجب كما قال هو: فدخلني من ذلك عجب، وقال (عليه السلام) فدخله العجب بنفسه وشبيه بالغبطة من وجه حيث تمنى منزلة روح الله، وليس له أن يتمناها كما يرشد إليهما قوله (عليه السلام) «لقد وضعت نفسك في غير الموضع الذي وضعك الله فيه فمقتك الله على ما قلت» وبالحسد من وجه آخر إما لأنه نفى زيادة فضل روح الله عليه وأنزله منزلة نفسه، أو لأن كل واحد من الحاسد والمعجب يضع نفسه في غير موضعه، وبهذا الاعتبار ذكره في هذا الباب فلا يرد أن العجب غير الحسد فلا يناسب ذكره في هذا الباب.
(فرمس في الماء) أي غمس فيه على صيغة المجهول فيهما من «رمست الميت» إذا دفنته في التراب.
إن قلت هذا دل على المؤاخذة بالأفعال القلبية، وسيجئ في باب من يهتم بالحسنة والسيئة أنه لا مؤاخذة بها.
قلت: هذا من الأفعال القلبية واللسانية بدليل قوله فقال: «هذا عيسى روح الله - إلى آخره» ولو أريد بهذا القول القلبي لأمكن أن يقال الأفعال القلبية التي لا مؤاخذة بها هي التي ليست من العقائد مثل قصد شرب الخمر ونحوه، وأما العقائد ففيها مؤاخذة قطعا وهذا منها.
(ثم قال ما قلت يا قصير) الظاهر أن قصيرا كان وصفا له لا اسما له، ففيه دلالة على جواز تخاطب الرجل ببعض أوصافه الظاهر المشتهر به لا على قصد الاستهزاء.
4 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): كاد الفقر أن يكون كفرا وكاد الحسد أن يغلب القدر.
* الشرح:
قوله (قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) كاد الفقر أن يكون كفرا) من طريق العامة عنه (صلى الله عليه وآله) قال: «لولا رحمة ربي لكاد الفقر أن يكون كفرا» لعل المراد به الفقر القاطع لعنان الاصطبار وقد وقع الاستعاذة منه، وأما الفقر الممدوح، فهو الفقر المقرون بالصبر. وقال الغزالي: سبب ذلك أن الفقير إذا نظر إلى شدة حاجته وحاجة عياله ورأى نعمة جزيلة مع الظلمة والفسقة وغيرهم، ربما يقول ما هذا الإنصاف من الله وما هذه القسمة التي لم تقع على العدل؟ فإن لم يعلم شدة حاجتي ففي علمه نقص، وإن