لا يقال: قول الملائكة هذا بناء على أنهم يريدون ستره، وهذا ينافي قولهم المذكور قبله لاشعاره بأنهم يريدون هتك ستره.
لأنا نقول: دلالة قولهم الأول على ذلك ممنوع لاحتمال أن يكون طلبا لإصلاحه، ولو سلم فيحتمل أن يكون طلبهم هتك الستر أولا نظر إلى عظمة معصية الرب عندهم ثم بدا لهم طلب الستر له نظرا إلى شفقتهم ببني آدم، ويمكن أن يراد بالملائكة ثانيا غير من رفع أجنحتهم فلا منافاة بين القولين لاختلاف القائلين لكن يأباه قوله «ما أمركم أن ترفعوا أجنحتكم عنه» إلا أن يراد بالخطاب جنس الملائكة.
ورواه ابن فضال، عن ابن سكان.
10 - علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: الكبائر القنوط من رحمة الله واليأس من روح الله والأمن من مكر الله وقتل النفس التي حرم الله وعقوق الوالدين وأكل مال اليتيم ظلما وأكل الربا بعد البينة والتعرب بعد الهجرة وقذف المحصنة والفرار من الزحف، فقيل له: أرأيت المرتكب للكبيرة يموت عليها، أتخرجه من الإيمان، وإن عذب بها فيكون عذابه كعذاب المشركين، أوله انقطاع؟ قال: يخرج من الإسلام إذا زعم أنها حلال ولذلك يعذب أشد العذاب وإن كان معترفا بأنها كبيرة وهي عليه حرام وأنه يعذب عليها وأنها غير حلال فإنه معذب عليها وهو أهون عذابا من الأول ويخرجه من الإيمان ولا يخرجه من الإسلام.
* الشرح:
قوله (الكبائر القنوط من رحمة الله واليأس من روح الله) الظاهر أن القنوط واليأس مترادفان (1) فالجمع بينهما للتأكيد والمبالغة مع احتمال أن يكون النظر في القنوط إلى قصور الرحمة وفي اليأس إلى عظمة المعصية وحرمان صاحبها من الرحمة أو يكون الروح غير الرحمة كالتنفيس من الكرب والعقوبة وقد ذكرنا ما يتعلق به سابقا ولا بأس أن نشير إليه ثانيا مبالغة لترك هذه الخصلة الذميمة فنقول: اليأس، وهو ضد الرجاء، من الكبائر الموبقة لأن فيه جحدا للرحمة والمغفرة وخروجا من التوحيد وقد جاء في كثير من الآيات الدالة على شمول الرحمة للمذنبين مثل (رحمتي وسعت