كل ما أوجب الله عليه النار. وهو كالتعميم بعد التخصيص لأنه يشمل غير ما ذكر امورا كثيرة مثل عقوق الوالدين والشرك بالله واليأس من رحمة الله والأمن من مكر الله ونحوها، وفي الروايتين المذكورتين قبل ما نحن فيه أيضا دلالة على أنها كثيرة جدا وهذا هو الحق، ولعل المعينات في الروايات محمولة على أنها أكبر من البواقي أو على أن الوقوع فيها أكثر فوقع الاهتمام بذكرها ليحترزوا عنها مع أن في أكثرها إشارة إجمالية إلى غيرها لاشتراكها في العلة وهي الوعيد، ومما يؤيده ما نقل عن ابن عباس أن الكبيرة ما نهى الله سبحانه عنه، قيل أهي سبع؟
قال هي إلى السبعين أقرب، ويروى إلى السبعمائة، وعنه أيضا هي ما توعد الله تعالى عليه بعذاب أو قرن بلعنة أو غضب، وقيل: هي ما توعد عليه بعذاب أو رتب عليه حد، وقيل: هي كل ذنب يؤذن بقلة اعتناء فاعله بالدين، وقيل: هي كل ذنب علم حرمته بدليل قاطع، وقال الغزالي:
هي ما فعل دون استشعار خوف ولا اعتقاب ندم لأن الذي يفعل الذنب بدون أحدهما مجتري متهاون وما وقع مع أحدهما صغيرة وهذا التفصيل لم نجد عليه دليلا مع أنه لا يخلو من غرابة كما لا يخفى، وقيل: يعرف الفرق بأن تعرض مفسدة الذنب فإن نقصت عن مفسدة أقل الكباير المنصوص عليها فهي صغيرة وإن ساوتها أو كانت أعظم فهي كبيرة فالشرك كبيرة بالنص، وتلطيخ الكعبة بالقذر وإلقاء المصحف فيه مساو له والزنا والقتل كبيرتان بالنص وحبس امرأة ليزني بها أو ليقبلها لم ينص عليه لكنه أعظم مفسدة من أكل مال اليتيم المنصوص عليه، والفرار من الزحف كبيرة والدلالة على عورة المسلمين مع العلم بأنهم يسبون أموالهم وذراريهم لم ينص عليه ولكنه أعظم من الفرار من الزحف وكذلك لو كذب على مسلم كذبة يعلم أنه يقتل بها. وقال جماعة:
الذنوب كلها كبائر لاشتراكها في مخالفة الأمر والنهي لكن قد يطلق الصغير والكبير على الذنب بالإضافة إلى ما فوقه وما تحته، فالقبلة صغيرة بالنسبة إلى النظر بشهوة. قال الشيخ الطبرسي في مجمع البيان بعد نقل هذا القول: وإلى هذا ذهب أصحابنا رضي الله عنهم فإنهم قالوا: المعاصي كلها كبيرة لكن بعضها أكبر من بعض وليس في الذنوب صغيرة وإنما يكون صغيرا بالإضافة إلى ما هو أكبر (1) ويستحق العقاب عليه أكثر، قال الشيخ في الأربعين: لا يخفى أن كلام الشيخ الطبرسي مشعر بأن القول بأن الذنوب كلها كبائر متفق عليه بين علماء الامامية وكفى بالشيخ ناقلا:
إذا قالت حذام فصدقوها * فإن القول ما قالت حذام