إيمان العبد وقلة ذكره وكثرة غفلته ويبعد عنه ويقل تسلطه وسلوكه إلى باطنه بمقدار قوته ويقظته ودوام ذكره وإخلاص توحيده.
ونقل عن ابن عباس: أنه تعالى جعله بحيث يجري من بني آدم مجرى الدم وصدور بنى آدم مسكن له كما قال (من شر الوسواس الخناس * الذي يوسوس في صدور الناس * من الجنة والناس) والجنة الشياطين، وكما قال النبي (صلى الله عليه وآله): «إن الشيطان ليجثم على قلب بني آدم له خرطوم كخرطوم الكلب إذا ذكر العبد الله عز وجل خنس أي رجع على عقبيه وإذا غفل عن ذكر الله وسوس» فاشتق له اسمان من فعليه: الوسواس من وسوسته عند غفلة العبد، والخناس من خنوسه عند ذكر العبد، وقيل: الناس عطف على الجنة، والإنسي لا يصل في وسوسته بذاته إلى باطن الآدمي فكذا الجنة في وسوسته، وأجيب بأن الإنس ليس له ما للجن من اللطافة، فعدم وصول الإنس إلى الجوف لا يستلزم عدم وصول الجن إليه.
ثم إن الله تعالى بلطفه جعل للإنسان حفظة من الملائكة وأعطاهم قوى الإلهام والإلمام بهم في بواطن الإنسان في مقابلة لمة الشيطان كما روي «إن للملك لمة بابن آدم وللشيطان لمة، لمة الملك إيعاد بالخير وتصديق بالحق فمن وجد ذلك فليحمد الله، ولمة الشيطان إيعاد بالشر وتكذيب بالحق فمن وجد من ذلك شيئا فليستعذ بالله من الشيطان الرجيم».