شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٩ - الصفحة ١١١
رسول الله وعلي (عليه السلام) ولا سواء، وإني سمعت أبي يقول: إذا كتب الله على عبد أن يدخله في هذا الأمر كان أسرع إليه من الطير إلى وكره.
* الشرح:
قوله (اجعلوا أمركم هذا لله ولا تجعلوه للناس فإنه ما كان لله فهو لله وما كان للناس فلا يصعد إلى السماء) (1) أي اجعلوا أيتها الفرقة الناجية أمركم في القول والفعل والعقد خالصا لله ولا تجعلوه للناس طلبا للرياء والسمعة فإنه ما كان لله في الدنيا فهو لله في الآخرة ويصعد إليه، وما كان للناس فلا يصعد إلى السماء كما يصعد إليها ما كان لله، ولا تخاصموا بدينكم الناس فإن المخاصمة ممرضة للقلب فإن كل واحد من المتخاصمين يلقي شبهة على صاحبه والشبهة مرض القلب وهلاكه وإنكم لا تقدرون على هدايتهم إن أراد الله تعالى ضلالتهم، كيف إن الله عز وجل قال لنبيه: (إنك لا تهدي من أحببت) أي لا توصله إلى المطلوب أو لا تعينه باللطف والتوفيق (ولكن الله يهدي من يشاء) فإذا لم يكن النبي قادرا على هدايتهم فأنتم أولى بعدم القدرة عليها وقال أيضا لنبيه: (أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين) أنكر الله تعالى إكراه نبيه وإجباره إياهم على الإيمان تحقيقا لمعنى التكليف والثواب والجزاء وتنبيها على عدم قدرته عليه فأنتم أولى بذلك فلا تتعرضوا لهم ذروا الناس واتركوهم بحالهم ولا تقصدوا مخالطتهم في دينهم فإن الناس أخذوا دينهم عن الناس بما

1 - «فلا يصعد إلى السماء» يعنى إلى الآخرة وقد يعبر بالسماء ويراد بها ملكوت السماء كما يطلق الإنسان ويراد روحه وعقله [قال تعالى:] (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم * ثم رددناه أسفل سافلين) وقال تعالى: (لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط) وعلاقة الإطلاق اشتراكهما في العلو، فالآخرة أعلى من الدنيا، والسماء أعلى من الأرض، وأما السماء الدنيا وهي التي نراها بأبصارنا وزينت بالكواكب كما قال الله تعالى (زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب) فليست أقرب إلى الله تعالى من الأرض أما مكانا فواضح وأما فضلا وشرفا فلأن الآخرة أقرب إليه تعالى مرتبة، لحياتها وتجردها عن كثافات الدنيا وكونها عالم العقل والإدراك وأما الأجسام الفلكية والكواكب الثابتة والسيارة فلا فرق من هذه الجهة بينها وبين الأرض، والشرف للموجد المجرد العاقل على المادة الجامدة المقهورة، وقد مر في باب إطعام المؤمن في الحديث الثالث «من أطعم ثلاثة نفر من المسلمين أطعمه الله من ثلاث جنان في ملكوت السماوات فقيد بالملكوت، والملكوت أصرح في تجردها، وأما أصل كون الجنة في السماء فلعله متواتر في الروايات ويدل عليه قوله تعالى (ولقد رآه نزلة أخرى * عند سدرة المنتهى * عندها جنة المأوى) وفي حديث المعراج «فلما صرت إلى الحجب أخذ جبرئيل بيدي فأدخلني الجنة فإذا الشجرة من نور في أصلها ملكان يطويان الحلي والحلل إلى يوم القيامة، فقلت: حبيبي جبرئيل لمن هذه الشجرة؟ فقال: هذه لأخيك علي بن أبي طالب» وعن أبي سعيد الخدري عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: «ليلة أسرى بي إلى السماء أخذ جبرئيل بيدي فأدخلني الجنة» وبالجملة يصعد الأعمال إلى الجنة حتى تهيأ للعاملين ثواب على طبقه. (ش).
(١١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الاستغناء عن الناس 3
2 باب صلة الرحم 6
3 باب البر بالوالدين 19
4 باب الاهتمام بأمور المسلمين والنصيحة لهم ونفعهم 29
5 باب اجلال الكبير 31
6 باب إخوة المؤمنين بعضهم لبعض 33
7 باب فيما يوجب الحق لمن انتحل الايمان وينقضه 38
8 باب في ان التواخي لم يقع على الدين وانما هو التعارف 39
9 باب حق المؤمن على أخيه وأداء حقه 40
10 باب التراحم والتعاطف 51
11 باب زيارة الاخوان 52
12 باب المصافحة 57
13 باب المعانقة 63
14 باب التقبيل 65
15 باب تذاكر الاخوان 67
16 باب ادخال السرور على المؤمنين 71
17 باب قضاء حاجة المؤمن 77
18 باب السعي في حاجة المؤمن 82
19 باب تفريج كرب المؤمن 87
20 باب اطعام المؤمن 89
21 باب من كسا مؤمنا 95
22 باب في إلطاف المؤمن وإكرامه 97
23 باب في خدمته 101
24 باب نصيحة المؤمن 101
25 باب الإصلاح بين الناس 103
26 باب في أحياء المؤمن 105
27 باب في الدعاء للأهل إلى الايمان 107
28 باب في ترك دعاء الناس 108
29 باب أن الله إنما يعطي الدين من يحبه 114
30 باب سلامة الدين 115
31 باب التقية 118
32 باب الكتمان 127
33 باب المؤمن وعلاماته وصفاته 137
34 باب في قلة المؤمن 184
35 باب الرضا بموهبة الايمان والصبر على كل شيء بعده 189
36 باب في سكون المؤمن إلى المؤمن 196
37 باب فيما يدفع الله بالمؤمن 197
38 باب في ان المؤمن صنفان 198
39 باب ما اخذه الله على المؤمن من الصبر على ما يلحقه فيما ابتلي به 201
40 باب شدة ابتلاء المؤمن 206
41 باب فضل فقراء المسلمين 221
42 باب 231
43 باب ان للقلب اذنين ينفث فيهما الملك والشيطان 233
44 باب الروح الذي أيد به المؤمن 239
45 باب الذنوب 241
46 باب استصغار الذنب 279
47 باب الإصرار على الذنب 281
48 باب في أصول الكفر وأركانه 283
49 باب الرياء 291
50 باب طلب الرئاسة 300
51 باب اختتال الدنيا بالدين 304
52 باب من وصف عدلا وعمل بغيره 305
53 باب المراء والخصومة ومعاداة الرجال 306
54 باب الغضب 310
55 باب الحسد 316
56 باب العصبية 321
57 باب الكبر 323
58 باب العجب 332
59 باب حب الدنيا والحرص عليها 337
60 باب الطمع 352
61 باب الخرق 353
62 باب سوء الخلق 354
63 باب السفه 356
64 باب البذاء 358
65 باب من يتقى شره 365
66 باب البغي 367
67 باب الفخر والكبر 369
68 باب القسوة 375
69 باب الظلم 379
70 باب اتباع الهوى 388
71 باب المكر والغدر والخديعة 393
72 باب الكذب 397
73 باب ذي اللسانين 409
74 باب الهجرة 411
75 باب قطعية الرحم 414
76 باب العقوق 418
77 باب الانتفاء 421
78 باب من آذى المسلمين واحتقرهم 421
79 فهرس الآيات 430