(وإذا أراد بعبد سوءا) لميله إلى الباطل وإبطاله لاستعداده الفطري (نكت في قلبه نكتة سوداء) هي نكتة الجهل والكفر والخذلان الذي هو سلب اللطف والتوفيق فأظلم لها (سمعه وقلبه) فلا يسمع الحق ولا يعقل الخير وهو الختم المانع من إدراك الخير (ثم تلا (عليه السلام) هذه الآية) استشهادا لما ذكر (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للاسلام) أي فمن يرد الله أن يهديه إلى طريق الجنة في الآخرة وإلى الخيرات في الدنيا لميله إليها يشرح صدره للاسلام ويوسعه لقبول أحكامه ومعارفه حتى يتأكد عزمه عليها ويقوى الداعي على التمسك بها وذلك لطف من الله تعالى عليه (ومن يرد أن يضله) عن طريق الجنة إلى طريق النار وعن سبيل الخيرات والشرور لإبطال استعداده الفطري بسلب لطفه عنه (يجعل صدره ضيقا حرجا) لانقباضه بقبض الكفر والعصيان وتقيده بقيد الظلمة والطغيان فهو في قبول الإيمان ولوازمه (كأنما يصعد في السماء) فيمتنع دخول الإيمان في قلبه كما يمتنع الصعود في السماء.
7 - عنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حمران، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله عز وجل إذا أراد بعبد خيرا نكت في قلبه نكتة بيضاء وفتح مسامع قلبه ووكل به ملكا يسدده وإذا أراد بعبد سوءا نكت في قلبه نكتة سوداء وسد مسامع قلبه ووكل به شيطانا يضله.
* الشرح:
قوله (إذا أراد الله بعبد خيرا نكت في قلبه نكتة بيضاء وفتح مسامع قلبه) إذا أراد الله بعبد خيرا وهو الإحسان إليه في الآخرة بدخول الجنة وفي الدنيا بالهدايات الخاصة مثل اللطف والتوفيق ونحوهما بسبب ميله إلى الخيرات واختيار سبيلها نكت في قلبه نكتة بيضاء نورانية من هداياته الخاصة وفتح مسامع قلبه وأبواب الحق فيدخل فيه الأنوار الربانية والمعارف الإيمانية ووكل به ملكا يسدده بإلهام الحق ونفخ الصواب فيستضيء جميع جوارحه ويهتدي كل إلى عمله وذلك التسديد يسمى لمة الملك وإذا أراد بعبد سوءا وهو تعذيبه بالنار وسلب اللطف والتوفيق عنه بسبب ميله إلى الشرور وسلوك سبيلها نكت في قلبه نكتة سوداء ظلمانية وسلب اللطف عنه وسد مسامع قلبه التي بها يسمع كلمات الحق وهو الختم وكل به شيطانا يضله عن سبيل الحق ويلهمه الباطل وتركه معه وخلي بينه وبين إضلاله وهذا الإضلال يسمى لمة الشيطان، وقد نقلنا سابقا من طريق العامة أن للشيطان لمة بابن آدم وللملك لمة فأما لمة الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق، وأما لمة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق فمن وجد ذلك فليحمد الله ومن وجد الأخرى فليتعوذ من الشيطان الرجيم.