(فاجعلوا أنفسكم دون دينكم) وفداء له واختاروا البقاء على الدين والاعتقاد به وإن أوجب ذلك القتل. وفي جعل المال فداء للنفس وجعل النفس فداء للدين إيماء إلى ترجيح طلب الدين على طلب المال كيف لا، والمال ينفع في الدنيا، والدين ينفع في الآخرة، والفضل بينهما كالفضل بين الدنيا والآخرة ثم أشار إلى أن الهلاك منحصر في هلاك الدين ترغيبا في تحصيله والثبات عليه بقوله:
(واعلموا أن الهالك من هلك دينه) إما بفواته بالمرة، أو بعدم رعاية ما فيه من الأوامر والنواهي وغيرها.
(والحريب من حرب دينه) في المصباح حرب حربا من باب تعب: أخذ جميع ماله فهو حريب، وحرب للبناء للمفعول كذلك فهو محروب، وفي القاموس حربه حربا كطلبه طلبا: سلب ماله فهو محراب وحريب والجمع حربي وحرباء، وحريبته ماله الذي سلب أو ماله الذي يعيش به (ألا وإنه لا فقر بعد الجنة ألا وإنه لا غنى بعد النار) أي لا فقر بعد فعل ما يوجب الجنة فإن فاعله غني. ولا غنى بعد فعل ما يوجب النار فإن فاعله فقير، ونظيره ما روى عنه (عليه السلام) قال: «الفقر والغنى يظهران بعد العرض وأمثاله من الروايات كثيرة. ثم أشار إلى دوام عذاب النار تحذيرا بقوله:
(لا يفك أسيرها ولا يبرأ ضريرها) أسيرها أسير الشهوات كما روي «حفت النار بالشهوات» أو الداخل فيها المقيد بسلاسلها، وضريرها من عميت بصيرته وسلك سبيلها ولا يرى سبيل النجاة منها.
3 - علي، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبد الله، عن فضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سلامة الدين وصحة البدن خير من المال والمال زينة من زينة الدنيا حسنة.
- محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد، عن ربعي، عن الفضيل، عن أبي جعفر (عليه السلام) مثله.
* الشرح:
قوله (سلامة الدين وصحة البدن خير من المال) أما سلامة الدين فظاهرة لأن زواله وفساده يوجب المشقة الأخروية الأبدية، وعدم المال يوجب المشقة الدنيوية الزائلة. وأما صحة البدن فلانها تنفع بدون المال، والمال لا ينفع بدونها، وأيضا: الغرض من المال حفظ البدن وتدبير صحته وغاية الشيء خير منه، ويمكن أن يراد بصحة البدن صحته عن أمراض الأعمال القبيحة وفيه ترغيب للمؤمن المسكين في الرضا عن الله بهاتين النعمتين والحمد لله عليها وأشار بقوله: (والمال زينة من زينة الدنيا حسنة) إلى وجه التفضيل وإلى أن المراد بالمال المال الصالح وهو وإن كان زينة