ذلك فضلا لا يبلغ أحد كنه وصفه إلا من عقله، وذلك أن الله لم يسلم على أحد إلا على الأنبياء (صلوات الله عليهم)، فقال تبارك وتعالى: ﴿سلام على نوح في العلمين﴾ (١)، وقال: ﴿سلام على إبراهيم﴾ (٢) وقال: ﴿سلام على موسى وهارون﴾ (٣)، ولم يقل: سلام على آل نوح، ولم يقل: سلام على آل موسى ولا على آل إبراهيم، وقال:
* ﴿سلام على آل ياسين﴾ (٤)، يعني آل محمد (صلى الله عليه وآله) - فقال المأمون: قد علمت أن في معدن النبوة شرح هذا وبيانه - فهذه السابعة.
وأما الثامنة: فقول الله عز وجل: (واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى) فقرن سهم ذي القربى مع سهمه وسهم رسوله، فهذا فصل أيضا بين الآل والأمة، لان الله جعلهم في حيز، وجعل الناس في حيز دون ذلك، ورضي لهم ما رضي لنفسه، واصطفاهم فيه، فبدأ بنفسه، ثم برسوله، ثم بذي القربى بكل ما كان من الفئ والغنيمة وغير ذلك مما رضيه عز وجل لنفسه ورضيه لهم، فقال وقوله الحق: (واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى) فهذا تأكيد مؤكد وأثر قائم لهم إلى يوم القيامة في كتاب الله الناطق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد.
وأما قوله: ﴿واليتامى والمساكين﴾ (5) فإن اليتيم إذا انقطع يتمه خرج من الغنائم، ولم يكن له فيها نصيب، وكذلك المسكين إذا انقطعت مسكنته لم يكن له نصيب من المغنم، ولا يحل له أخذه، وسهم ذي القربى إلى يوم القيامة قائم لهم، للغني والفقير منهم، لأنه لا أحد أغنى من الله عز وجل ولا من رسوله (صلى الله عليه وآله)، فجعل لنفسه معهما سهما ولرسوله سهما، فما رضيه لنفسه ولرسوله رضيه لهم.