المؤمنين (عليه السلام) قد رهقه العطش، فأومأنا بأطرافنا، فإذا نحن بصومعة (1) راهب فدنونا منها، فإذا نحن براهب قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر، فقلنا: يا راهب، عندك ماء نسقي منه صاحبنا. قال: عندي ماء قد استعذبته منذ يومين. فأنزل إلينا ماء مرا خشنا (2)، فقلنا: هذا قد استعذبته منذ يومين! فكيف لو شربت من الماء الذي سقانا منه صاحبنا؟ وحدثناه بالامر، فقال: صاحبكم هذا نبي؟ قلنا: لا، ولكنه وصي نبي. فنزل إلينا بعد وحشته منا، وقال: انطلقوا بي إلى صاحبكم. فانطلقنا به، فلما بصر به أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: شمعون؟ قال الراهب: نعم شمعون، هذا اسم سمتني به أمي، ما أطلع عليه أحد إلا الله تبارك وتعالى، ثم أنت، فكيف عرفته، فأتم حتى أتمه لك؟ قال: وما تشاء يا شمعون؟ قال: هذا العين واسمه. قال: هذا عين راحوما وهو من الجنة، شرب منه ثلاثمائة وثلاثة عشر وصيا وأنا آخر الوصيين شربت منه.
قال الراهب: هكذا وجدت في جميع كتب الإنجيل، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وأنك وصي محمد (صلى الله عليه وآله).
ثم رحل أمير المؤمنين (عليه السلام) والراهب يقدمه حتى نزل صفين، ونزل معه بعابدين (3) والتقى الصفان، فكان أول من أصابته الشهادة الراهب، فنزل أمير المؤمنين (عليه السلام) وعيناه تهملان وهو يقول: المرء مع من أحب، الراهب معنا يوم القيامة، ورفيقي في الجنة (4).
277 / 15 - حدثنا محمد بن أحمد السناني (رحمه الله)، قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثنا الفضل بن الصقر العبدي، قال: حدثنا أبو معاوية، عن سليمان بن مهران الأعمش، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين (عليهم السلام)، قال: