علي (عليه السلام) ومعه أسيران ورأس وثلاثة أبعرة وثلاثة أفراس. فقال النبي (على الله عليه وآله): تحب أن أخبرك بما كنت فيه يا أبا الحسن؟ فقال المنافقون: هو منذ ساعة قد أخذه المخاض، وهو الساعة يريد أن يحدثه! فقال النبي (صلى الله عليه وآله):
بل تحدث أنت - يا أبا الحسن - لتكون شهيدا على القوم.
قال: نعم - يا رسول الله - لما صرت في الوادي، رأيت هؤلاء ركبانا على الأباعر، فنادوني: من أنت؟ فقلت: أنا علي بن أبي طالب ابن عم رسول الله. فقالوا: ما نعرف لله من رسول، سواء علينا وقعنا عليك أو على محمد، وشد علي هذا المقتول، ودارت بيني وبينه ضربات، وهبت ريح حمراء سمعت صوتك فيها يا رسول الله وأنت تقول:
قد قطعت لك جربان (1) درعه، فاضرب حبل عاتقه. فضربته فلم أحفه (2)، ثم هبت ريح صفراء، سمعت صوتك فيها يا رسول الله، وأنت تقول: قد قلبت لك الدرع عن فخذه، فاضرب فخذه. فضربته وكزته وقطعت رأسه ورميت به. وقال لي هذان الرجلان: بلغنا أن محمدا رفيق شفيق رحيم، فاحملنا إليه ولا تعجل علينا، وصاحبنا كان يعد بألف فارس.
فقال النبي (صلى الله عليه وآله) يا علي، أما الصوت الأول الذي صك مسامعك فصوت جبرئيل (عليه السلام)، وأما الآخر فصوت ميكائيل (عليه السلام)، قدم إلي أحد الرجلين. فقدمه، فقال: قل لا إله إلا الله، واشهد أني رسول الله، فقال: لنقل جبل أبي قبيس أحب إلي من أن أقول هذه الكلمة. فقال: يا علي، أخره واضرب عنقه. ثم قال:
قدم الآخر. فقال: قل لا إله إلا الله، واشهد أني رسول الله، فقال: ألحقني بصاحبي.
قال: يا علي، أخره واضرب عنقه. فأخره، وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) ليضرب عنقه، فهبط جبرئيل (عليه السلام) على النبي (صلى الله عليه وآله)، فقال: يا محمد، إن ربك يقرئك السلام، ويقول لك: لا تقتله فإنه حسن الخلق سخي في قومه.