الهوى * إن هو إلا وحي يوحى) (1) ألم ينسبوه إلى الكذب في قوله: إنه رسول من الله إليهم؟ حتى أنزل الله عز وجل عليه: (ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا) (2)، ولقد قال يوما: عرج بي البارحة إلى السماء.
فقيل: والله ما فارق فراشه طول ليلته.
وما قالوا في الأوصياء (عليهم السلام) أكثر من ذلك، ألم ينسبوا سيد الأوصياء (عليه السلام) إلى أنه كان يطلب الدنيا والملك، وأنه كان يؤثر الفتنة على السكون، وأنه يسفك دماء المسلمين بغير حلها، وأنه لو كان فيه خير ما أمر خالد بن الوليد بضرب عنقه؟ ألم ينسبوه إلى أنه (عليه السلام) أراد أن يتزوج ابنة أبي جهل على فاطمة (عليها السلام)، وأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) شكاه على المنبر إلى المسلمين، فقال:
إن عليا يريد أن يتزوج ابنة عدو الله على ابنة نبي الله، ألا إن فاطمة بضعة مني، فمن آذاها فقد آذاني، ومن سرها فقد سرني، ومن غاظها فقد غاظني؟
ثم قال الصادق (عليه السلام): يا علقمة، ما أعجب أقاويل الناس في علي (عليه السلام)!
كم بين من يقول: إنه رب معبود، وبين من يقول: إنه عبد عاص للمعبود! ولقد كان قول من ينسبه إلى العصيان أهون عليه من قول من ينسبه إلى الربوبية.
يا علقمة، ألم يقولوا لله عز وجل: إنه ثالث ثلاثة؟ ألم يشبهوه بخلقه؟ ألم يقولوا: إنه الدهر؟ ألم يقولوا: إنه الفلك؟ ألم يقولوا: إنه جسم؟ ألم يقولوا: إنه صورة؟
تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
يا علقمة، إن الألسنة التي تتناول ذات الله تعالى ذكره بما لا يليق بذاته كيف تحبس عن تناولكم بما تكرهونه! فاستعينوا بالله واصبروا، إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده و العاقبة للمتقين، فإن بني إسرائيل قالوا لموسى (عليه السلام): (أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا)، فقال الله عز وجل: قل لهم يا موسى: (عسى