بذلك شاهدان، فهو من أهل العدالة والستر، وشهادته مقبولة، وإن كان في نفسه مذنبا، ومن اغتابه بما فيه فهو خارج عن ولاية الله عز وجل داخل في ولاية الشيطان.
ولقد حدثني أبي، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام): أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: من اغتاب مؤمنا بما فيه، لم يجمع الله بينهما في الجنة أبدا، ومن اغتاب مؤمنا بما ليس فيه، فقد انقطعت العصمة بينهما، وكان المغتاب في النار خالدا فيها وبئس المصير.
قال علقمة: فقلت للصادق (عليه السلام): يا بن رسول الله، إن الناس ينسبوننا إلى عظائم الأمور، وقد ضاقت بذلك صدورنا. فقال (عليه السلام): يا علقمة، إن رضا الناس لا يملك، وألسنتهم لا تضبط، فكيف تسلمون مما لم يسلم منه أنبياء الله ورسله وحججه (عليهم السلام)؟ ألم ينسبوا يوسف (عليه السلام) إلى أنه هم بالزنا؟ ألم ينسبوا أيوب (عليه السلام) إلى أنه ابتلى بذنوبه؟ ألم ينسبوا داود (عليه السلام) إلى أنه تبع الطير حتى نظر إلى امرأة أوريا فهواها؟ وأنه قدم زوجها أمام التابوت حتى قتل ثم تزوج بها؟ ألم ينسبوا موسى (عليه السلام) إلى أنه عنين وآذوه حتى برأه الله مما قالوا، وكان عند الله وجيها؟ ألم ينسبوا جميع أنبياء الله إلى أنهم سحرة طلبة الدنيا؟ ألم ينسبوا مريم بنت عمران (عليهما السلام) إلى أنها حملت بعيسى من رجل نجار اسمه يوسف؟
ألم ينسبوا نبينا محمدا (صلى الله عليه وآله) إلى أنه شاعر مجنون؟ ألم ينسبوه إلى أنه هوى امرأة زيد بن حارثة فلم يزل بها حتى استخلصها لنفسه؟ ألم ينسبوه يوم بدر إلى أنه أخذ لنفسه من المغنم قطيفة حمراء؟ حتى أظهره الله عز وجل على القطيفة وبرأ نبيه (صلى الله عليه وآله) من الخيانة، وأنزل بذلك في كتابه: ﴿وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة﴾ (1)، ألم ينسبوه إلى أنه (صلى الله عليه وآله) ينطق عن الهوى في ابن عمه علي (عليه السلام)؟ حتى كذبهم الله عز وجل، فقال سبحانه: (وما ينطق عن