والحكم لا يثبت موضوعه، والمفروض أن الموضوع فيما نحن فيه مشكوك لأنه بناء على اللزوم الفسخ لا يؤثر، فيكون أكل المال بالفسخ أكلا بالباطل، وبناء على عدمه يؤثر الفسخ فلا يكون الاكل به أكلا بالباطل.
وحيث إن اللزوم مشكوك فيكون موضوع الحرمة مشكوكا فيكون الاستدلال بهذا العموم لعدم تأثير الفسخ لكونه أكلا بالباطل من قبيل التمسك بعموم العام في الشبهة المصداقية لنفس العام الذي لا يقول به أحد، ولا يمكن أن يقول به أحد.
وفي العقد الثاني موضوع الحكم الايجابي أي جواز الأكل هو كون المعاملة تجارة عن تراض، وهذا الحكم الايجابي لا يدل على أن كل ما ليس بتجارة عن تراض فهو من الاكل بالباطل، نعم انتفاء الجواز بانتفاء كونه تجارة عن تراض حكم عقلي ومن باب انتفاء الحكم بانتفاء موضوعه.
قلنا إن نفس جعل المقابلة بين أكل المال بالباطل وبين كونه عن تجارة عن تراض، يدل على أن ما ليس من التجارة عن تراض فهو من أكل المال بالباطل وقد تقدم تفصيل ذلك، فلا نعيد، ففي الحقيقة في مورد الشك في لزوم المعاملة عقدية يثبت الموضوع بعد أن فسخ المعاملة للعقد الأول أي المستثنى منه بالعقد الثاني أي المستثنى وقرينيته.
فكل واحد من العقدين وحده، وإن لم يدل على عدم تأثير الفسخ ولا على اللزوم، إلا أنه بانضمام أحدهما إلى الآخر والتعمق في مجموع الآية تحصل هذه النتيجة، أي يكون إرجاع المال بالفسخ مع عدم رضاية الطرف الآخر من أكل مال الغير بالباطل الذي هو موضوع الحرمة في عقد المستثنى منه، فيكون الفسخ غير مؤثر، وهو من لوازم اللزوم.