المراد من الابطال فيها هو المعنى الذي ذكرنا له من ترك العمل ورفع اليد عنه بعد الشروع فيه وفي أثنائه أو إيجاد مانع أو قاطع في أثنائه كي يسقط عن صلاحية إتمامه صحيحا.
ولكن ظهور لفظ الابطال وكلمة لا تبطلوا في هذا المعنى لا يخلو عن مناقشة، إذ من المحتمل القريب أن يكون المراد منه النهي عن إبطال العمل بالرياء أو الشرك أو العجب أو ارتكاب الكبائر التي أوعد الله عليها النار، لا بمعنى الحبط الذي لا نقول به نحن الامامية الاثني عشرية وننكره، بل بمعنى أنه لا توجب تلك الأعمال دخول الجنة بعد ارتكاب الكبائر العظيمة كقتل النفوس المحترمة والزنا بذات البعل وأمثالهما من الجرائم الكبيرة.
ويؤيد هذا الاحتمال ما رواه الصدوق قده في ثواب الأعمال عن أبي جعفر عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من قال سبحان الله غرس الله له بها شجرة في الجنة ومن قال الحمد لله غرس الله له بها شجرة في الجنة، ومن قال لا إله إلا الله غرس الله له بها شجرة في الجنة، فقال رجل من قريش يا رسول الله صلى الله عليه وآله إن شجرنا في الجنة لكثير، قال صلى الله عليه وآله: نعم ولكن إياكم أن ترسلوا عليها نيرانا فتحرقوها وذلك أن الله تعالى يقول يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم. (1) فاستشهاد الإمام عليه السلام بهذه الآية على أن الشرك والكفر والمعاصي الكبيرة يذهب بأثر تلك الكلمات ويحرق الأشجار التي كانت آثار تلك الكلمات، مؤيد بل دليل على أن المراد من إبطال الأعمال في الآية الشريفة هو ما يوجب ذهاب أثر تلك الأعمال، لا أن المراد من إبطال الأعمال رفع اليد عنها وتركها في الأثناء، أو إتيان مانع أو قاطع يمنع عن إتمامها صحيحا.