والعجب من شيخنا الأعظم الأنصاري قده (1) أنه قال بصحة الاستصحاب التعليقي مع أنه غير صحيح، وأنكر جريان الاستصحاب هاهنا، وقد عرفت أن صحة الاستصحاب هاهنا وجريانه لا اشكال فيه.
وأما عدم صحة الاستصحاب التعليقي وأنه لا يجري، فبيانه وإيضاحه موقوف على بيان مقدمة، وهي أن استصحاب التعليقي عبارة عن أن يكون موضوع الحكم الشرعي مركبا من جزئين، سواء كان أحد الجزئين قيدا ووصفا للآخر أو كان شرطا له، فالأول كالعنب المغلي، والثاني كالعنب إذا غلى، فتغير أحد الجزئين قبل وجود الجزء الآخر.
مثلا جف العنب قبل أن يغلي وصار زبيبا فشك في أنه إذا انضم إلى الجزء الآخر بعد حدوث هذا التغير هل يبقى الحكم السابق أم لا؟ فإذا غلى الزبيب هل يكون شربه حراما ويكون نجسا كما أنه لو كان يغلي في حال عدم الجفاف والعنبية كان له هذا الحكم يقينا.
وبعد وجود هذا الشك هل يصح استصحاب الحكم السابق فيقال: إن هذا الزبيب حين ما كان عنبا كان شربه حراما على تقدير الغليان، والآن بعد ما صار زبيبا أيضا كذلك أي يكون شربه حراما على تقدير الغليان، وهذا يسمى بالاستصحاب التعليقي لأنه عبارة عن إبقاء الحكم المعلق لا المنجز، وفي صحته وجريانه خلاف.
والأصح عندي عدم صحته وذلك من جهة أن العنب لم يكون له حكم كي بعد جفافه والشك في بقاء ذلك الحكم يستصحب، وذلك من جهة أن العنب كان جزء الموضوع والجزء الآخر هو الغليان، وقبل وجود الموضوع بتمام أجزائه محال أن يوجد الحكم، لان وجود الحكم قبل ذلك خلف أي يلزم منه أن يكون ما فرضته موضوعا