قوم مجتمعين فلا يدرى أيهم مات قبل فقال يورث بعضهم من بعض قلت فان أبا حنيفة ادخل فيها شيئا قال وما ادخل قلت رجلين أخوين أحدهما مولاي والاخر مولى لرجل لأحدهما مأة ألف درهم والاخر ليس له شئ ركبا في السفينة فغرقا فلم يدر أيهما مات أولا كان المال لورثة الذي ليس له شئ ولم يكن لورثة الذي له المال شئ قال فقال أبو عبد الله عليه السلام لقد سمعها وهو هكذا.
والثالث انه لا ترتيب في التوارث لان كلا منهما يستحق تركة الاخر بسبب وجود المقتضى فيه وعدم العلم باقترانه بوجود مانع فلا مجال لتقدم أحد الاستحقاقين على الاخر وما وقع في النصوص من أنه يورث المرأة من الرجل ثم يورث الرجل من المرأة لا ينافي ما بيناه فإنه امر باعطاء ارث المرأة أولا اهتماما بشأنها كي لا يضيع حقها فان غالب الناس لاستيناسهم بعادة أهل الجاهلية لم يهتموا بشأن المرأة ولم يروا لها حقا كما استمرت هذه القاعدة في الاعراب والعشائر إلى زماننا هذا.
وقد خفى هذا المعنى على أكثر الأصحاب " قدس سرهم " فتحيروا في وجه التقديم مع عدم ترتب ثمرة علية الا على قول المفيد (قدس سره) من أن الثاني يرث مما ورثه الأول الذي حكموا بفساده فمنهم من أوجبه تعبدا ومنهم من قال بأنه ندب وطردوا الحكم وجوبا أو ندبا إلى كل من كان أضعف في التوريث فحكموا فيما لو غرق أب وابن بأنه يورث الابن زعما منهم ان موضوع الحكم هو الأضعف في التوريث والعجب انهم تعدوا هنا عن مورد النص مع اعترافهم بعدم ظهور وجه الحكم.
تنبيهان الأول ان الحكم بالتوارث إنما هو فيما إذا لم يعلم تاريخ موت أحدهما بعينه سواء علم تاريخ موت أحدهما لا بعينه أولم يعلم تاريخ الموت أصلا واما إذا علم تاريخ موت أحدهما بعينه فالإرث إنما هو لمجهول التاريخ لجريان استصحاب حياته إلى زمان موت المعلوم تاريخ موته بعينه فلا يرث من مجهول التاريخ حينئذ لانتفاء شرط توريثه وهو موته في هذا الزمان ولا نظر لروايات الباب إلى مثل هذه الصورة حتى يؤخذ باطلاقها لان الغالب في صورة الغرق والهدم عدم العلم بتاريخ موت أحدهما بعينه مع أنك قد عرفت ان الحكم في الروايات ليس تعبديا بل منطبقا على الأصول