انه لا يجوز أن يكون المحدث بالأكبر متطهرا عن الحدث الأصغر وقد اتفقوا على انتقاض الوضوء بالحدث الأكبر كانتقاضه بالأصغر بل وكذا انتقاض الطهارة الكبرى بالحدث الأصغر مما لا ريب فيه ولذا لا يترتب حينئذ الا اثر الحدث وما يتوهم من ترتب اثر الطهارة والحدث معا حينئذ من جهة ان الجنب كان ممنوعا من الدخول في الصلاة ومس المصحف وقراءة العزائم واللبث في المساجد والجواز في المسجدين الأعظمين وإذا اغتسل وتطهر بالطهارة الكبرى أبيح له جميع هذه الأمور وان احدث بعد ذلك بالحدث الأصغر منع منه الدخول في الصلاة ومس المصحف وبقى الباقي على الإباحة وليس ذلك الا من اثر بقاء الطهارة الكبرى وعدم انتقاضها بالحدث الأصغر فهو حينئذ متطهر بالطهارة الكبرى محدث بالحدث الأصغر فاجتمعت الطهارة الكبرى حينئذ مع الحدث الأصغر في غير محله ضرورة ان حرمة قراءة العزائم واللبث في المساجد والجواز في المسجدين الأعظمين كانت من أحكام الجنابة وأبيحت بعد الغسل من جهة ارتفاع حدث الجنابة لامن جهة حصول الطهارة إذ لا يعتبر في اباحتها الطهارة بالضرورة وبعد ان احدث بالحدث الأصغر ارتفعت الكبرى وانتقضت به ولكن لم تعد الجنابة فلم تعد آثارها.
واما الدخول في الصلاة ومس المصحف فهما يترتبان على الطهارة دائران مدارها ولذا لا يجوزان من المحدث مطلقا فإذا اغتسل الجنب أبيح له الامر ان باعتبار انه متطهر وإذا انتقضت طهارته بالأصغر عاد المنع منهما باعتبار انه غير متطهر فاتضح غاية الاتضاح عدم اجتماع الطهارة الكبرى مع الحدث الأصغر.
الرابع ان تقابلهما من قبيل تقابل التضاد لا التناقض لان كلا منهما إنما تنتزع من أسباب وجودية محصورة عند الشارع ولو كان أحدهما عدميا لانتزع من عدم سبب الاخر ولم يتصور لهما ثالث ولكان أحدهما موافقا للأصل مع أن الأصل عدمهما فمن شك في أنه جنب أم متطهر مع عدم العلم بحالته السابقة يجوز له المكث في المساجد وقراءة العزائم والجواز في المسجدين الأعظمين لان الأصل عدم الجنابة