قلت أحدهما وهو العلم اقتضائي والاخر وهو الجهل فعلى فلا يتناقضان.
فان قلت التقدم حينئذ للفعلي لا الاقتضائي ضرورة ان الاقتضائي لا يزاحم الفعلي في تأثيره.
قلت الجهل ليس صفة وجودية فعلية حتى يتقدم على الصفة الموجودة اقتضاءا وليس هنا اجتماع صفتين تحقيقا بل الثابت حينئذ إنما هو العلم الاقتضائي فقط وحيث إن العلم الاقتضائي لم يبلغ حد الفعلية حتى يكون علة تامة للتنجيز ودفع العذر يدور الامر بين الاخذ به وترتيب الأثر عليه وعدم الاعتداد بنقصه وبين تركه والاعتداد بنقصه وضعفه وحيث إن ترتيب الأثر على النقص اخذ بالجهل كما أن ترتيب الأثر على العلم الاقتضائي اخذ بالعلم عبر عن دوران الامر بينهما بالتزاحم بين العلم والجهل والعقلاء لما رأوا ان الذي له مدخلية في الوجود وهو المقتضى معلوم وإنما الشك في ما ليس له مدخلية في الوجود أصلا وهو المانع لان المانع إنما يمنع عن ترتب المقتضى لا ان لعدمه دخلا في التأثير حكموا برجحان الوجود لتمامية السبب وعدم الاعتداد باحتمال المانع لاندفاعه بالأصل وقد قرر هذا المعنى الروايات الشريفة فان قولهم (ع) " لا تنقض اليقين بالشك " (ولا تنقض اليقين الا بيقين مثله) (وإياك ان تنقض اليقين بالشك) (ومن كان على يقين فشك فليمض على يقينه) وهكذا من الروايات صريح في الركون إلى اليقين وعدم الاعتداد بالشك عند الاجتماع والمعارضة بل التحذير عن نقض اليقين بالشك يكشف عن أن النقض به مما لا يرتكبه العاقل.
توضيح ذلك ان المتصور في بدو النظر من الروايات الشريفة أحد معان ثلاثة الأول ما بيناه والثاني اعتبار استصحاب الحالة السابقة.
والثالث الاخذ باليقين مع سريان الشك فيه المسمى بقاعدة اليقين في مصطلحهم ولا شبهة ان عدم نقض اليقين بالشك لا يصدق الا مع بقاء اليقين واما مع زواله وسريان الشك فيه فلا مجال للنقض وعدمه فلا مجال لإرادة المعنى الثالث منها واما بقاء الحالة السابقة فمع عدم احراز الموضوع والمقتضى لا يكون مورد اليقين بوجه حتى يصدق