البراءة أو الاحتياط أو الاستصحاب من دون ان يجعله كاشفا عن الواقع فيكون أصلا لا يترتب عليه ثبوت اللوازم العقلية والعادية فكذلك العقلاء قد يرون اعتبار شئ من جهة كشفه عن الواقع في نظرهم كالخبر الموثوق به الموجب للاطمينان وسكون النفس بحيث يضمحل احتمال الخلاف في نظرهم ويرونه موجبا للعلم العادي فيعتمدون عليه ويرونه مثبتا للواقع ما لم يمنع عنه الشارع وقد يرون اعتبار شئ بعنوان انه وظيفة للجاهل في مقام العمل كاعتبار البراءة الأصلية عندهم فإنها أصل على كل تقدير سواء قلنا إن اعتبارها شرعي أم عقلي.
والحاصل ان الاعتبار العقلي لا ينحصر في كون المعتبر في نظره امارة كاشفة عن الواقع فلا مجال لتوهم ان القاعدة حينئذ تكون امارة مثبة للوازم العقلية والعادية مطلقا.
ومن الموارد التي لا تنطبق الا عليها حكمهم بلزوم البيع إذا شك في انعقاده لازما أو جائزا من جهة احتمال غبن في البيع أو عيب في المبيع وهكذا استنادا إلى أصالة اللزوم إذ ليس للزوم حالة سابقة حتى يستصحب بقائه فالحكم به ليس الا من جهة الاخذ بقاعدة الاقتضاء لان المقتضى للزوم وهو البيع معلوم والمانع مشكوك فيدفع بالأصل.
فان قلت يمكن أن يكون الحكم باللزوم مستندا إلى استصحاب الحالة السابقة لان تملك البائع للثمن ثابت بالبيع فمع الشك في زوالهما بالفسخ يستصحب الحالة السابقة.
قلت أولا استناد الحكم إلى أصالة اللزوم يأبى عما ذكرت لان ما ذكرت لا يتفرع على كون العقد لازما.
وثانيا انه لو صح ما ذكرت لزم الحكم باللزوم أيضا في العقود الجائزة بالذات عند الشك في وقوعها لازمة أو جائزة كما إذا شككنا في وقوع الهبة لازمة أم