فان قلت بناء العقلاء على الاخذ بأصالة الحقيقة والعموم والاطلاق لا يكشف عن اعتبار قاعدة الاقتضاء والمنع في جميع الموارد.
قلت لا تعبد في بناء العقلاء حتى يجوز اختصاصه بمورد دون مورد وإنما بنائهم على ما بنوا عليه في بعض الموارد لأجل جهة واقعية عقلية ثابتة عندهم ومن المعلوم اطراد القواعد العقلية وعدم تطرق التقييد والتخصيص فيها في حد أنفسها نعم للشارع قصر اعتبارها على بعض الموارد فما لم يعلم من الشارع التصرف فيها بقصرها على بعض الموارد يحكم باطرادها والظاهر من الاخبار بل صريحها تقريرها كما سننبه عليه انشاء الله تعالى.
فان قلت لو كان الامر كذلك لزم أن تكون الأصول المثبتة معتبرة عندهم بل عند الشارع لتقريره القاعدة كما ذكرت مع أن عدم اعتبارها واضح بالغ حد الضرورة.
قلت إن أريد من المثبت ما يترتب عليه اثر غير شرعي كما شاع تفسيره به في هذه الاعصار القريبة نلتزم به ولا مانع له.
وتوهم ان عدم اعتباره بهذا المعنى ضروري في غير محله إذ المترتب عليه حتى في الموارد الشرعية إنما هو الحكم الظاهري الذي مرجعه إلى التنجيز والعذر الثابتين للعلم والجهل ذاتا بل إلى التنجيز أو دفعه الذي هو من آثار العلم بالوجود أو العدم كما فصلنا الكلام فيه في محله ولعلنا نشير إليه في المقام أيضا انشاء الله تعالى.
وان أريد منه ما يثبت اللوازم العقلية مطلقا سواء كانت من الأحكام والآثار المتحدة مع المقتضى في الخارج أم لا بزعم ان اعتبارها عند العقلاء يكشف عن كونها امارة عندهم فلا يختص الاعتبار حينئذ بالنسبة إلى خصوص الأحكام والآثار المتحدة مع المقتضى في الخارج فالملازمة ممنوعة لأن الاعتبار العقلي كالاعتبار الشرعي فكما ان الشارع قد ينزل شيئا منزلة الدليل العلمي فيجعله طريقا مثبتا للواقع كالبينة مثلا فيكون امارة يثبت بها اللوازم العقلية والعادية قد يجعل وظيفة للجاهل كأصالة