بحال الاضطرار وحيث إن الطهارة في الموردين لا تعتبر في اباحتهما بل في كمالهما اكتفى بالطهارة الضعيفة لتحصيل أدنى مرتبة الكمال.
ولكن ينافي ذلك ما يظهر من بعض الروايات من انتقاض التيمم بوجدان الماء ووجوب اعادته لمن تمكن التطهر بالماء ولم يتطهر به ثم تعذر عليه وإن كان الاخذ بظاهر هذه الروايات مشكل لأنه يوجب الحكم بكون وجدان الماء حدثا إذ لا ينقض الطهارة الا الحدث وهو مناف للاجماع بل الضرورة على عدم كونه حدثا ويمكن حملها على استحباب إعادة التيمم وحدوث ضعف في التيمم بوجدان الماء مصحح للتعبير بالنقض.
ولا يتوهم انه يمكن ان يحكم بانتقاض التيمم بوجدان الماء تحقيقا من دون الحكم بكونه حدثا المنافى للاجماع والضرورة من جهة ان تأثير التيمم إنما هو في موضوعه وهو المضطر الفاقد للماء فإذا انقلب الموضوع وارتفع الاضطرار بسبب وجدان الماء ارتفع الأثر ولا يعود بعود الاضطرار لأنه موضوع جديد.
لأنا نقول إن الاضطرار موضوع للاستباحة المترتبة على الطهارة الضعيفة المتحصلة من التيمم وهي باقية مع الوجدان وإنما تنتفى الإباحة حينئذ لانتفاء شرط تأثير الطهارة لها والمحل لتأثيرها إياها لا لانتفاء مقتضيها حتى يصدق النقض حقيقة نعم قد ادعى الاجماع على النقض فان تم فهو والا فللكلام فيه مجال.
وكيف كان لا ينبغي التأمل في عدم النقض إذا أصاب الماء وتلف قبل مضى زمان يتمكن من فعل الطهارة المائية فيه لان الاخبار الظاهرة في النقض إنما تدل عليه في صورة القدرة على التطهر به والاجماع لو تم فهو في صورة القدرة عليه أيضا.
والخامس انه يجوز التيمم في سعة الوقت مطلقا وان لم يكتف به الا في ضيق الوقت أو مع اليأس بوجود الماء في الوقت لما ظهر لك من أن التيمم في نفسه مشروع وان الاضطرار إنما يوجب الامر التبعي المقدمي به الذي لا يدور مداره التعبد به وكونه عبادة فالضيق أو اليأس بوجود الماء في الوقت إنما يعتبر في استباحة الصلاة بالطهارة