إلى جامع ومائز ذاتيين فكل من قسمي التغير التحليلي راجع إلى التغير الحسى ومأخوذ منه.
إذا اتضح لك ما حققناه فاعلم أن كل قسم من الأقسام الأربعة دليل على الحدوث والافتقار اما التغير الحسى الأحوالي فلان الانتقال عن حال إلى حال لا يكون الا مع حدوث الأحوال وعدم وجوبها ضرورة ان الزوال والتجدد لا يجامع الوجوب والقدم مع أن الأحوال عوارض لذيها وتابعة لمعروضاتها فلا يتعقل الوجوب والاستغناء فيها مع قطع النظر عن تطرق التغير فيها وحدوث الأحوال لا ينفك عن حدوث ذيها فان المشتمل على الأحوال المتبادلة وما يتطرق فيه الاعراض لا ينفك وجوده عن حال من الأحوال وعرض من الاعراض ضرورة انه مع قطع النظر عنها يكون منهما والشئ ما لم يتشخص لم يوجد كما أنه ما لم يوجد لم يتشخص فلا يعقل وجوب وجود الشئ مع حدوث أحواله التي لا يعقل وجوده الا معها وبها ولا فرق في ذلك من دلالة تغير الأحوال على حدوث المتغير بها وافتقاره بين الانتقال عن الضعف إلى الكمال وبالعكس نعم الانتقال عن الكمال إلى الضعف اظهر دلالة على افتقار المتغير وتطرق الزوال فيه وبطلان الأزلية وتنزله عن مقام الوجوب والقدم.
ومن هنا استدل خليل الرحمن صلى الله على نبينا وآله كما صلى الله عليه وآله في مقام الاحتجاج على حدوث الكواكب وتنزلها عن مقام الربوبية بافولها وغروبها الذي هو نقص فيها والا فالطلوع والظهور كالا فول والغروب في الدلالة على الحدوث والامكان كما أن الترقي عن مرتبة النقص إلى درجة الكمال الذي هو وجود جديد أقوى دلالة على وجود المدبر والصانع ولعله إلى هذا ينظر استدلال الباري جل شانه في كلامه المجيد بالأطوار الست في خلق الانسان على وجود المدبر والصانع.
فان كل طور من الأطوار خلق جديد وتصوير حادث وتدبير آخر يدل على وجود الصانع والمصور والمدبر فان الضعيف وإن كان قابلا للبس الكمال الا انه ليس فاعلا له ضرورة ان القوة والكمال لا يحصلان من قبل الضعف والنقصان