والثالث التعبير عنها في الاخبار بالنور وعن الوضوء على الوضوء بنور على نور إذ لو كانت عدميا لم يتصور لها مراتب شدة وضعفا ولم يكن للتعبير عنها بالنور ونور على نور الكاشف عن كونها وجوديا مجال والرابع مخالفتها للأصل كالحدث الا ترى ان الشاك في أنه متطهر أو مجنب مع عدم علمه بحالته السابقة لا يجوز له الدخول في الصلاة إذ الأصل عدم الطهارة ويجوز له المكث في المساجد وقراءة العزائم إذ الأصل عدم الجنابة.
لا يقال الطهارة لها مفهوم واحد وهو اما وجودي واما عدمي ولا يعقل ان يختلف باختلاف مقابلها وجودا وعدما.
لأنا نقول أولا لا مانع من أن يكون للطهارة مفهوم واحد وهي النظافة والنزاهة مترتبة على مراتب ينتزع بعضها من عدم القذارة كالطهارة عن الخبث وينتزع بعضها من وجود جهة نورية موجبة لرفع ما يقابلها كالطهارة عن الحدث.
وثانيا لو سلمنا امتناعه وقلنا بان الطهارة تتحقق بعدم القذارة حسية كانت أو معنوية فلا ينافي ذلك مع اعتبار الشارع في بعض منها مع التخلي عنها التحلي بأمر وجودي نوري مسبب عن سبب وجودي وترتيب الآثار الشرعية عليه كما أنه لا ينافي ملازمتها في بعض الموارد لأمر وجودي ذاتا كما هو الشأن في الطهارة عن الذنب والخطأ والسهو والنسيان الملازمة لقوة قدسية ملكوتية وهي العصمة وإذ قد تبين لك ذلك فاعلم أن الطهارة عن الحدث هي الأثر المترتب على الوضوء والغسل والتيمم كما أن الطهارة عن الخبث هي زوال الخبث المترتب على الغسل فتعريف الطهارة بالوضوء أو الغسل أو التيمم أو بما في معناه إنما هو لأجل اتحادها معها اتحاد الامر المنتزع مع منشأ انتزاعه في مرحلة الحدوث.
وما توهم من اشتراك الطهارة بين المسبب والسبب أو كونه حقيقة في المسبب مجازا في السبب أو العكس في غير محله ضرورة ان آثار الطهارة من الشرطية الكمال إنما تدور مدار الأثر المترتب على الأسباب المنتزع من حدوثها واطلاقها على الأسباب