الشرعي على إقرارها بجميع ما ادعاه المدعي المذكور. عرف الحاكم المشار إليه الشهود، وسمع شهادتهم. وقبلها بما رأى معه قبولها شرعا. وثبت عنده ذلك ثبوتا صحيحا شرعيا. فحينئذ سأل المدعي المذكور الحكم على المدعى عليها بالقصاص.
فأجابه إلى سؤاله لجوازه عنده شرعا، وحكم عليها بالقصاص أو بالقتل حكما شرعيا - إلى آخره - مع العلم بالخلاف. ويكمل. هذا إذا كان القتل عمدا.
وإن كان القتل خطأ. فلا يجب عليها عند الحنفية قصاص ولا دية.
وإن كانت الدعوى عند المالكي. فإن كان القتل عمدا. تخير الوارث بين قتلها واستحيائها في الرق، وجلدها مائة، وحبسها عاما. فإن اختار الوارث قتلها سأل الحاكم الحكم بالقتل. فيحكم له بذلك، وإن اختار بالقسم الثاني: حكم به بعد ذكر تخييره بين القتل والاستحياء في الرق. وإن كانت الدعوى عند الشافعي. فيوجب عليها الدية لا غير.
وإن كانت الدعوى عند الحنبلي، فصورة الحكم عنده: أن يحكم بأقل الامرين من قيمتها أو الدية في إحدى الروايتين. والأخرى: قيمة نفسها على ما اختاره الخرقي. انتهى. والله أعلم.
تذييل: اعلم أن المقرر عند أهل الحق والانصاف: أن البدع المحدثة في هذا الزمان في باب القضاء كثيرة. وأكثرها مخصوص ببلادنا. فيقع فيها ما لا يقع في غيرها من الممالك الاسلامية. ولم يسمع بمثل ما رأيناه وسمعناه في الأمور التي عمت بها البلوى، وهي من أعظم الأدلة على اقتراب الساعة:
فمنها: تولية القضاء للجهال ببذل المال.
ومنها: تولية الجهال والعلماء. غير الأتقياء، مع وجود العلماء الأتقياء الأخيار.
ومنها: حكم القاضي بخلاف مذهبه، لا سيما إن كان حنفيا، والاستناد إلى الأقوال الضعيفة المرجوحة إن كان شافعيا، لينال غرضا فاسدا.
ومنها: انقطاع القضاة عن الحضور إلى مجلس الحكم العزيز في أكثر الأوقات من غير عذر. ويكتفون بالنائب.
ومنها: رضاهم بالنائب الذي لا يصلح أن يكون رسولا، فضلا عن أن يكون نائبا، ومن لا يرتضيه السلطان الذي ولاه القضاء. ولا علماء الشريعة مع قدرتهم على استنابة