كالمكيلات والموزونات والمعدودات التي لا تتفاوت كالجوز والبيض. فهي في هذه إفراز وتمييز حق، حتى إن لكل واحد أن يبيع نصيبه مرابحة. وقال مالك: إن تساوت الأعيان والصفات كانت إفرازا. وإن اختلفت كانت بيعا. وللشافعي قولان. أحدهما: هي بيع.
والثاني إفراز. والذي تقرر من مذهبه آخرا: أن القسمة ثلاثة أنواع.
الأول: بالاجزاء، كمثلي ودار متفقة الأبنية، وأرض متشابهة الاجزاء. فتعدل السهام، ثم يقرع.
الثاني: بالتعديل. كأرض تختلف قيمة أجزائها بحسب قوة إنبات وقرب ماء.
الثالث: بالرد، بأن يكون في أحد الجانبين بئر أو شجر لا يمكن قسمته. فيرد من يأخذ قسط قيمته. فقسمة الرد والتعديل بيع، وقسمة الاجزاء إفراز.
وقال أحمد: هي إفراز.
فعلى قول من يراها إفرازا: يجوز عند قسمة الثمار التي يجري فيها الربا بالخرص.
ومن يقول: إنها بيع يمنع ذلك.
ولو طالب أحد الشريكين بالقسمة، وكان فيها ضرر على الآخر. قال أبو حنيفة:
إن كان الطالب للقسمة منهما هو المتضرر بالقسمة لا يقسم. وإن كان الطالب لها ينتفع:
أجبر الممتنع منهما عليها. وقال مالك: يجبر الممتنع على القسمة بكل حال. ولأصحاب الشافعي إذا كان الطالب هو المتضرر وجهان. أصحهما: يجبر. وقال أحمد: لا يقسم ذلك، بل يباع ويقسم ثمنه.
فصل: وهل أجرة القاسم على قدر رؤوس المقتسمين، أو على قدر الأنصباء؟
قال أبو حنيفة ومالك، في إحدى روايتيه: هي على قدر الرؤوس. وقال مالك في الرواية الأخرى والشافعي وأحمد: على قدر الأنصباء.
وهل هي على الطالب خاصة، أم عليه وعلى المطلوب منه؟ قال أبو حنيفة: هي على الطالب خاصة. وقال مالك والشافعي وأصحاب أحمد: هي على الجميع.
واختلفوا في قسمة الرقيق بين جماعة، إذا طلبها أحدهم: هل تصح أم لا؟
قال أبو حنيفة: لا تصح. وقال الباقون: تصح القسمة بالقيمة، كما يقسم سائر الحيوان بالتعديل والقرعة. وإن تساوت الأعيان والصفات. انتهى.