فيقضيه ثم ينظر ما بقي عنده بعد اخراج النفقة فيزكيه، ولا يكون على أحد - دينه أكثر من ماله - صدقة في إبل أو بقر أو غنم أو زرع وهذا قول عطاء والحسن والنخعي وسليمان بن يسار والثوري والليث وإسحق. والرواية الثانية لا يمنع الزكاة فيها وهو قول مالك والأوزاعي والشافعي، وروي عن أحمد أنه قال: قد اختلف ابن عمر وابن عباس فقال ابن عمر: يخرج ما استدان أو أنفق على ثمرته وأهله ويزكي ما بقي، وقال الآخر: يخرج ما استدان أو أنفق على ثمرته ويزكي ما بقي، واليه أذهب أن لا يزكي ما أنفق على ثمرته ويزكي ما بقي لأن المصدق إذا جاء فوجد إبلا أو بقرا أو غنما لم يسأل أي شئ على صاحبها من الدين؟ وليس المال هكذا، فظاهر ذلك أن هذه رواية ثالثة وهو أنه لا يمنع الدين الزكاة في الأموال الظاهرة إلا في الزروع والثمار فيما استدانه للانفاق عليها خاصة. وهذا ظاهر كلام الخرقي. وقال أبو حنيفة: الدين الذي تتوجه به المطالبة يمنع في سائر الأموال إلا الزروع والثمار بناء منه على أن الواجب فيها ليس بصدقة.
والفرق بين الأموال الباطنة والظاهرة أن تعلق الزكاة بالظاهرة آكد لظهورها وتعلق قلوب الفقراء بها، ولهذا يشرع ارسال السعاة لاخذها من أربابها، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث السعاة فيأخذون الصدقات من أربابها وكذلك الخلفاء بعده ولم يأت عنهم انهم طالبوا أحدا بصدقة الصامت ولا استكرهوه عليها إلا أن يأتي بها طوعا، ولان السعاة يأخذون زكاة ما يجدون ولا يسألون عما على صاحبها من الدين، فدل انه لا يمنع زكاتها، ولان تعلق الأطماع من الفقراء بها أكثر، والحاجة إلى حفظها أوفر، فتكون الزكاة فيها أوكد